May 27, 2013
عفاف البحيرة
مُهداة الى الحبر الجليل مار باوي سورو
في خلايا الزمان تنتاب حيناً اوصالنا المآسي واحيانا تنساب في آمالنا احلام دُرّ وماسِ. هذه الخلجات تجتاح اليوم كالعواصف حنايانا وايّاك يا رائد الوحدة الاثيل بمناسبة انعقاد السينودس البطريركي الكلداني في حزيران/ يونيو العتيد.
الاب سعيد بلو ما أنداك أيها الخيال المجنّح! ... حلّق وأسبح في الآثير، ورفرف فوق لألئ البحيرة، واسترح مستفيئاً أغصان الحور والصفصاف، وأشدو من نسيم الشعر أعذبه، ومن رنين القوافي أطربه!...
قالت البحيرة:
في وادي العفة صانتني السماء، ويد الله صاغت من درّ محبتي بُرد الصفاء، ومن وراء اللامرئيات أرسلت الشمس الى أعماقي أنوار اليقين، والطبيعة حبتني أسرار الخلود.
ويوم ودّعني الصيف وخصب الحقول وغروب الجمال فوق الجبال!... كان عشّاقي مستلقين على شواطئي الصغيرة، مرّوا أصيل المُوسم لاحتساء دفوء الشمس واكتساء عطور الورد، ونسج الاكاليل لعرش الزفاف.
يوم العرس اقترب وطبيعتي البتول تتأهب لحلم الوَجد وشهوة الإنخطاف، وعذارى الغاب حولي يرقصن مع الريح وينشدن وعزف الآمواج.
دار الزمان في البناء!...
حضنتني الأيام بشقاء!...
أحفر بواطن الأرض!...
أفجّر مقالع الصخور!...
أرفع بأسناني الضفاف!...
أمتطي الشلالات وسفوح الجداول!...
حوّلت مجرى المياه فارتويت!...
صبتُ بواسق الشجر أسواراً وشواهق الجبال أسراراً!...
وللتصفية وضعتُ الميثاق فكانت عذوبة الماء الرقراق!...
في سجوّ الليل يغازلني القمر!...
وشغافي يرشف أسرار الحب!...
وموجي ترداد حنين العاشقين!...
تلثم الشمس في الضحاء أجساد العناق، وتضحك الاشجار على سذاجة الاطفال.
بعد أعوام الخطوبة الآمنة وقبيل موعد الفرح، هال المصطافين إعصار من الشرق بالقرب مني جاء يغتصبني!... أباد الغابة في اجتياحه وحصد الجبال فاحتدم الوغى مع إعصارٍ آخر هبّ من الغرب فاوشكتُ على الزوال!...
وما أن تذكرت أن الله معي أوجدني للبقاء حتى استكانت فرائصي فناديت المحبيين: لا تخافوا!...متى نبضت مياهي رمال اعماق تحميكم.
وللوقت انبسطت يد جبارة تظللني.
إندحر الإعصار فمرّت العاصفة وعاد الهدوء.
إنتحى كياني يرثي الخمائل حولي وهجران الطيور وتداعي الضفاف.
إندثرت اكاليلُ الزهور وانكسرت خوابي الخمور، والتقطت شفتاي دمعةً مالحة.
فات موعد العرس ولاتَ نشوةَ انتصار!...
بيد أن البحيرة الصابرة استشفّت ما وراء الأفق مولد الأمل وربيعاً زاهياً سيشرق لاستقبال العريس وهي مصونة العفاف، رخيّة البال، لأن الصقيع سيحميها في موسم الشتاء.