Jun 25, 2013
أول كيان كلداني يرى النور
-الحلقة الثانية-
موفق السناطي
كانت علاقات العائلات الكلدانية تقتصر على المناسبات والتذكارات الدينية وكان العرف العشائري والعادات والتقاليد تتحكم بتصرفات الناس.
ان الهجرات التي تعاقبت على مناطقهم ونزوحهم الى المدن الكبرى كالموصل وبغداد والبصرة والحلة وبقية مدن العراق لم تترك تغيرا كبيرا على سلوكياتهم ولم يخرجوا عن التقليد العشائري والقبيلي.
الكثير من العوائل حطت رحالها في مدينة الموصل والغالبية العظمى قصدت بغداد بحثا عن الامان ولقمة العيش والدراسة حيث كانت الفرص اكبر. كان الاحتكاك بالمجتمعات الاخرى تخيفهم فهمهم انه يجدوا الاستقرار ويضمنوا السلامة كان طموحهم لا يتعدى جدران الغرف التي يسكنونها هكذا عملتهم الحياة وفرضت عليهم واقعهم.
عام 1970 طرأ تغيراً جذرياً في المجتمع الكلداني في 15\11\1970 في هذا اليوم تخطوا جدار الخوف والاعراف القبلية وخرجوا الى فضاء الثقافة الاجتماعية وبدأوا الخطوة الاولى لتثبيت هويتهم القومية في هذا اليوم ارتفعت لوحة تحمل أسم اول كيان كلداني رسمي- نادي الاخاء الاهلي في قلب العاصمة بغداد.
الحلم يصبح واقعا
كما اسلفنا كانت اللقاءات تتم في المناسبات والاعياد حيث كان يقوم اكثر من شخص بزيارات جماعية للعوائل للتهنئة تبدأ بثلاثة او اربعة أشخاص لتنتهي بجماعات كبيرة وكأنه عرس أحتفالي. حيث تكون العائلات على أهبة الاستعداد لاستقبال الزيارات وكان تقليد العيد يعتمد على تقديم التهاني وتبادل الزيارات ويتم في هذه الزيارات تقديم الحلوة والشاي والقهوة العربية ثم تمتد الجلسات الى فترة الغذاء وحتى فترة العشاء وعادة ما تكون الباجة واليخني والقيسي هي القاسم المشترك لموائد الطعام حيث ينتهي اليوم بتخمة من الاكل. كان هذا التقليد العشائري السائد في ذلك الوقت وهو ما يجمع أبناء شعبنا وتكون فرصة لتبادل الذكريات والحديث عن الايام الخوالي... احدى هذه الزيارات هي التي أشعلت الشمعة الاولى في الطريق. كانت الزيارة بمناسبة عيد الفصح من عام 1970 حيث ألتم شمل داود أيشو، جابر نيسان، خضر كوركيس، متي يونان في ضايفة عائلة لوقا متي بعد تقديم التهاني أصطفو على مائدة الطعام واخذهم الحديث الى فكرة أنشاء كيان خاص بهم، استهوت الفكرة جميع الحاضرين كيان يحافظ على تراثنا وتقاليدنا يحمي هويتنا ولغتنا لكي لا تنصهر بالكامل في مجتمع المدينة. بعد سجالات ونقاشات قرروا عقد أجتماع يجمع كافة أبناء سناط وحددو أسبوعين لعقده.
في الاجتماع كان الحضور اكبر حيث انضم الى القافلة أيشو يوخنا، جوزيف توما، أنور متي، ميخائيل داود، صلاح جبو، منير توما. عقد الاجتماع في كازينو النصر في شارع السعدون بعدها تعاقبت القاءات لينضم بطرس كاكو، افرام ججو، بطرس شابو، يوسف ميخائيل، بولص حنا، وليم متي حيث تم اقرار مفاتحة الدولة رسميا، وفعلا بدأت الاجراءات، استغرقت ستة أشهر في هذه الاثناء تم اشراك بمجموعة من القرى الاخرى وهي: يردى، إمرا، بلن، الانش، وزاخو وتم حصر المنتسبين اللذين بلغ عددهم مئتين واربعين عائلة واخذ العد بالازدياد.
على الفور أستأجروا بناية مدرسة في منطقة البتاوين وبدأ العمل بهمة لاجراء بعض التصليحات وتم فتح كافة الصفوف على بعضها لتكون قاعة تتسع لاكثر من ثلاثة مئة شخص، اما القاعة الصيفية فكان للبناية حديقة كبيرة تم تجذيبها بشكل ممتاز فكان العمل جاريا والشباب بهمتهم وكأنهم خلية نحل تعمل بلا كلل ليرى هذا الصرح النور بأقرب وقت.
كانت أحتفالية رائعة يوم رفعت اللوحة التي جسدت أول كيان كلداني رسمي_ نادي الاخاء الاهلي فوق البناية، البيت الكلداني الكبير الذي يجمع أبناء كل هذه القرى وأصدقائهم.
كانت الغالبية العظمى من أبناء سناط والبقية مزيج من أبناء القرى الاخرى. انه الحلم الذي اصبح واقع، هذا الصرح الكلداني الاول في القرن العشرين. كان من ضمن اصدقاء النادي أخوة من بلدة القوش لهم علاقات صداقة مع بعض العوائل السناطية وهم سعيد شامايا، سعيد وكيلا، وديع كجو، أذكرهم لسبب مهم، هؤلاء السادة كانوا النواة الاولى التي شكلت نادي بابل الكلداني لاحقا، حيث كانت أجتماعاتهم تعقد في اللجنة الفنية لنادي الاخاء التي كنت مسؤلا عنها.
الافتتاح الرسمي
تم افتتاح النادي رسميا في اول نشاط اجتماعي في أمسية عيد الميلاد من عام 1970 حيث تجمع أبناء القرى وعوائلهم لاول مرة ليتبادلو التهاني وللقضاء على التقليد القائم للزيارات المنزلية. تخلل الحفل بعض الاغاني العشائرية من فولكورنا حيث كان احدهم يغني ويقوم آخرون بالردة وكان يطلق على هذا النوع من الغناء (عشيرتي) يتنافس فيه من له القدرة على الغناء وحلاوة الصوت. التف الجميع وتشابكت الايادي برقصات شعبية دارجة مثل سنجاني، ببلكا، شيخاني، من أصول قرانا وبلداتنا وكانت الفرحة تعم الجميع والبهجة والسرور على محيا الحاضرين كانت تجربتهم الاولى تكللت بالنجاح بحسب رأي جيل المؤسسين. اما جيل الشباب فكان طموحه اكثر بكثير. هذه الشبيبة المثقفة جيل السبعينات بأنفتاحهم السياسي وايمانهم بحرية الفكر لهم نظرة اخرى لمستقبل هذا الصرح وكانت هذه الامسية هي الشرارة الاولى على الطريق الطويل الذي وضعوه نصب أعينهم، فهل يا ترى يستطيعون استمالة جيل المحافظين ليؤمن بأفكارهم.
ام ان المحافظين سيلجمون الشباب ويتركوهم داخل الشرنقة خوفا عليهم. لقد بدأ حراك جديد لم تألفه بيوتنا الكلدانية من قبل تحرك شبابي مثقف بكل طموحاته وتطلعاته الى المستقبل شباب يريد ان يجاري عصر النهضة والفكر النير فهل يستطيع هذا الجيل اثبات هويته القومية داخل بيته وفي مرافق الدولة... انها بداية الصراع.
تابعوني.