اتحاد القوى السياسية الكلدانية
المهام و الآفاق
د. بولص ديمّكار انعقد المؤتمر القومي الكلداني العام في ديترويت /ميشيكان في مايو / ايار الماضي تحت شعار هام و محدد وواضح و صريح تبلور في " وحدتنا ضمان لنيل حقوقنا القومية و الوطنية" و لم يكن ذلك عبثاً او من باب المزايدة السياسية او الكسب السياسي الرخيص. بدأَ من التحضيرات الاولية التي استمرت لفترة غير قصيرة و انتهاءاَ بالحضور و من ثم انعقاد المؤتمر، حيث كانت روحية الشعار المركزي سارية في و حاضرة في كل نقاشات وفعاليات المؤتمر و قرارته و توصياته.
و كنتيجة منطقية و تتويجاَ للمباحثات و الطروحات الجدية في اروقة المؤتمر انبثق " اتحاد القوى السياسية الكلدانية" ليعبر عن طموحات و امال ابناء القومية الكلدانية للخروج من نفق التشرذم و الانفرادية و الانعزال و يتجه صوب توحيد الجهود و المسعى و الخطاب نابذين التفكير الفردي و المصالح الحزبية والشخصية وواضعين مهمة البناء القومي الكلداني فوق كل اعتبار.
ان انبثاق اتحاد القوى السياسية الكلدانية لم يكن سهلاَ، كما و لم تكن ولادته بالأمر اليسير و لم يكن ذلك ممكناَ لولا الرغبة الصادقة لممثلي الاحزاب الكلدانية الاربعة التي شاركت في المؤتمر و بجهود مضاعفة من المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد، واستعدادها للعمل معاَ لاذابة جبال الثلوج المتراكمة انطلاقاَ من ايمانها باهمية و فعالية العمل القومي الكلداني الموحد ، و كان للمستقلين و المثقفين والسياسيين الكلدان دورا مشهوداَ في الوصول الى هذا الهدف سواء في الفترة التي سبقت انعقاد المؤتمر او اثناءه وذلك بالعمل يداَ بيد لتذليل كل العقبات و الصعوبات التي رافقت العملية.
و اذا كان من حق الكلدان و ابناؤهم الافتخار و الاحتفاء بالمولود الجديد فإن عليهم في نفس الوقت العمل على توفير شروط بناءه و تاسيسه على ارض صلدة كي يتمكن من بلوغ اهدافه، لان انبثاق الاتحاد لم تكن الا الخطوة الاولى لا بل اسهلها مقارنة مما هو متوقع منه من مهام و آمال.
لا شك في ان مهمة خوض الانتخابات البرلمانية القادمة بقائمة واحدة تمثلنا نحن الكلدان تأتي في المقدمة من مهام الاتحاد الا انها ليست الا خطوة اولية مؤقتة و نقطة البداية حيث الآمال المعقودة على الاتحاد ابعد من ذلك بكثير، و اهم و ابرز هذه الامال تتجسد و تتبلور في جعله و تمكينه من القيام بدوره في تبوءه لمركز القرار السياسي الكلداني بجدارة على صعيد الوطن او المهجر و ليصبح الناطق الكفوءو المعبر عن صوت الكلدان و ممثلهم دون منازع. ان ولادة الاتحاد كانت استجابة لضرورة تأريخية لنمو الحركة القومية الكلدانية و تبلورها و حاجتها لطليعة سياسية تقودها في المخاض العسير الذي تمر فيه ليس الحركة القومية الكلدانية فقط بل عموم الحركة الوطنية و الديمقراطية و شعب العراق عموماَ.
ان انبثاق اتحاد القوى السياسية الكلدانية عبرت عن رغبة الكلدان في توحيد و تأطير البيت الكلداني اولاَ و كذلك جاءت كخطوة و مقدمة اساسية في المسعي نحو توحيد ابناء بلاد الرافدين الاصلاء اخوتنا من الاشوريون و السريان ، لان التوحيد يبدأ بالذات اولاَ و حيث من غير المنطقي المطالبة بالوحدة مع الأخرين و انت تعانى من التشتت و الفرقة، اضافة الى تسهيل اليات التعامل وزيادة فرص و ضمانات النجاح.
نعم هذه هي المهمة الاخرى التي يجب على اتحاد القوى السياسية الكلدانية التوقف عندها و ايلائها ما تستحق من اهتمام و جدية انطلاقاَ من المصير المشترك و المعانات المشتركة التي نعاني منها سواء كنا كلداناَ او اشوريون او سرياناَ، انها ليست بالمهمة السهلة و لكن واجبنا التعاطي معها كما هي و برغبة صادقة بوصلتنا في ذلك سلامة و امن ابناء الرافدين الاصلاء و رغد عيشهم في مناطقهم و تمكينهم من تجاوز المحنة الحالية باقل خسارة بشرية او مادية اقتصادية ممكنة، و لا نعتقد نحن الكلدان بافضل وسيلة لتحقيق ذلك غير تقاربنا وصولاَ الى توحيد صفوفنا او التعامل على الاقل كجبهة واحدة مع بقية الاطراف السياسية العراقية بأضعف الايمان.
نريد ان يكون للكلدان شأناَ ملحوظاَ و مؤثراَ في الحياة السياسية العراقية، وعلى الرغم من ثقتنا بان توحيدنا مع اخوتنا سيزيد من ثقلنا و دورنا، لكن ذلك لايعني اطلاقاَ انتظارنا و تأجيل حراكنا بأمل تحقيق ذلك. على الكلدان و اتحاد قواهم السياسية عدم اضاعة الفرصة والمباشرة بتقديم ممثلي الاتحاد نفسهم كممثل شرعي ووحيد لكلدان العراق و المهجر و التحرك سياسيا و الدخول في تحالفات حيثما امكن و في كل مجال يساعد و يساهم في ابراز القضية القومية الكلدانية سواء كان ذلك مع بقية الفصائل السياسية لابناء الرافديين الاصلاء، منظمات المجتمع المدني او الاطراف السياسية الوطنية و الديمقراطية الفاعلة على ارض العراق .
الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية لعبت تأريخياَ دورا مهماَ في اعلاء شأن الكلدان و المحافظة على تراثهم و لغتهم و مازالت و قد اوضحت موقفها الصريح من العمل القومي في ضوء رسالتها الى المؤتمر القومي الكلداني ، لذلك فإن المهمة الاخرى لاتحاد القوى السياسية الكلدانية و في ضوء ظروف العراق الحالية تكمن في التنسيق الفاعل مع ممثلي الكنيسة الكلدانية و بما يخدم المسألة القومية الكلدانية و توضيح قضية شعبنا الانسانية كل في مجاله.
و اخيرا ينتظر الاتحاد عمل دؤوب للتعريف بالقومية الكلدانية و اهدافها و حقوقها عالمياَ و على فروعه خارج العراق القيام بهذه المهمة دون كلل او تقاعس و هو اقل مايمكن تقديمه لدعم اخواننا الكلدان داخل العراق و بهدف دفع المنظمات الدولية للضغط على الجهات العراقية المسؤولة و صاحبة القرار للتعامل مع الكلدان كمواطنين من الدرجة الاولى اسوة ببقية ابناء العراق من ناحية الحقوق و الواجبات وصولاَ الى الاعتراف بهم كأبناء أصلاء لبلاد الرافدين مع كل ما يترتب على ذلك حسب قوانين منظمة الامم المتحدة و قراراتها بشأن السكان الاصليين للبلاد.
المهام و الامال المعقودة على اتحاد القوى السياسية الكلدانية ليست بالقليلة و لا بالهينة، قسم تعتمد على النشاط الذاتي و قسم اخر تعتمد على مدى تجاوب الاخرين . المطلوب الآن هو الحركة و النشاط على كل المستويات سواء من قبل الاتحاد نفسه او من قبل الكلدان المستقلين غير المنخرطين في التنظيمات السياسية الكلدانية و ابناء الكلدان عامة و متى ما تظافرت الجهود المخلصة سيكون حتماَ النجاح حليفها.