الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية.. في بابل أم في سان دييغو؟
العنوان قد يبدو أستفزازي ولكن ليس هذا الهدف، بل محاولة لطرح سؤال مشروع في ضوء وجود حقيقة على الواقع تثبت وجود "بطريركين" ومفهومين لكيفية أدارة دفة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وسياستين متناقضتين في بعض الأحيان في كيفية التعامل مع الكنائس الأخرى وخصوصا كنيسة شعبنا الوطنية التي أنبثقت في أرضنا وبنيت بسواعد شعبنا – كنيسة المشرق التي أنشقت عنها الكنيسة الكلدانية لتصبح أحد فروع كنيسة روما الكاثوليكية في العراق (هناك فرع سريان كاثوليك وآخر لاتين الذي ينتمي اليه المطران المنتخب يوسف توما)، وكذلك الأختلاف بل التناقض في بعض الأحيان في كيفية التعامل مع القضايا القومية والسياسية التي تهم شعبنا الكلداني. وما ذكرته معروف للجميع ويتم نقاشه يوميا بين مثقفي شعبنا وسياسييه، والفرق فيما أسطره هنا هو تعريف الداء وأصل المشكلة وهي وجود ما يمكن تعريفه ببطريرك آخر "غير منتخب" هو المطران سرهد جمو لا يعترف فعليا (ولا حتى لفظيا) بسلطة البطريرك المنتخب عليه ولا يقدم له الطاعة ولا الى ما يقرره سنهودس الكنيسة ولا ولا... أنا أقول ولا حتى لفظيا بناء على لسان حال المطران سرهد وأداته المطيعة والشرسة الراهب المطرود عمانوئيل كوركيس الذي يقولها علنا امام الجميع انهم لا يتبعون البطريرك ساكو بل تابعين الى الفاتيكان مباشرة (ومن لا يعرف، أنا من سكنة سان دييغو وبالتالي ما أنقله هو ما ذكره المدعو عمانوئيل علنا أمام حشد كبير من أبناء الكنيسة).
هذا البطريرك غير المنتخب له أتباع وكتاب (أغلبيتهم تعيش على صدقات شعوب الدول المانحة) وأصحاب شهادات كاذبة (بضمنهم شماس) وقرويين وعشائريين على أستعداد لبيع جميع الكلدان لمصلحة أبناء قريتهم على شاكلتهم وآخر أضافة لهذه الجوقة هو شيخ ألقوش العام (الذي يستخدم كحال أخوته العشائريين تعبير "الكلدان" لأعطاء صورة لنفسه أكبر من حجمها). ولبطريرك سان دييغو أبرشية ذو أمكانية مالية عالية تساعده في تنفيذ أجندته، وموقع على الأنترنت يتم أستخدامه للتهجم على جميع من يخالفه الرأي، وفي الفترة الأخيرة بدأ بأستخدام محطة باروقا (أو المخلص) التلفزيونية التي تبث من كندا ويشرف عليها القسيس نياز توما لنشر أفكاره وفعالياته الكنسية والأجتماعية (وهذا يدل أولا، على كونه يتوسع ويكسب حلفاء وأتباع جدد من خارج مملكته في سان دييغو وثانيا، على فهم أعمق وأنضج لأهمية الأعلام وقوته مقارنة ببطريرك بابل الذي يخلق لنفسه الأعذار المختلفة كي لايقوم بأنشاء محطة خاصة بالبطريركية تنقل صوته الى أبناء رعيته حيثما كانوا وخصوصا غالبيتهم الساحقة التي لا تزور المواقع الألكترونية ولا تعرف ما يدور فيها من صراعات فكرية – أضافة طبعا الى الترهات والعنتريات الشخصية لمتسولي المعونات الأجتماعية). ولتبيان قوته بكونه قادر على تجاوز مواقف وقرارات بطريرك بابل وسينهودسه، تجاهل ليس فقط الدعوة لحضور سينهودس بطريرك بابل بل هدد ووعد في حال عدم تلبية رغبته في قبول مرشحه مار باوي سورو للأسقفية في الكنيسة الكلدانية، فأنه سيذهب مباشرة الى مرؤوسيهم في الفاتيكان ليجبرهم من خلالهم على قبوله وبالتالي أثبات حقيقة أصبحت ساطعة وواضحة للجميع كونه مدعوم وبقوة من الفاتيكان الذي وافق على مرشحه متجاوزا قرارات أجتماع بطريرك بابل. وعلى ذكر كلمة أجتماع، أصبحت الآن على قناعة كاملة أن أعطاء صفة سينهودس لأجتماعات أساقفة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية غير صحيح لأنه في تأريخ كنيسة المشرق الذي يقارب الألفين عام كان ولا يزال السينهودس هو الهيئة الكنسية العليا التي تصدر قرارات قطعية تعبر عن سلطته المطلقة على كهنة وأساقفة الكنيسة، ولكننا كما لاحظنا فأن أجتماع حزيران 2013 الذي أطلق عليه خطأ (كحال غيره من قبله) سينهودس ، لم يحضره عن قصد بطريرك سان دييغو أضافة الى كون قراراته في ترشيح مطارنة جدد لم تكن أكثر من توصيات (يمكن تجاهلها كحال غيرها من الترشيحات السابقة) أرسلت الى القيادة الحقيقية في الفاتيكان للنظر فيها (أستغرقت التحقيقات أكثر من سبعة أشهر للبت في أخلاص هؤلاء المرشحين للفاتيكان). وهذا ما يعرفه ويفهم تبعاته جيدا بطريرك سان دييغو والسبب الحقيقي وراء جرأته وقدرته في تجاهل وعدم حضور أجتماع حزيران 2013 وبالتالي "لويش تدوخ راسك بكلام الفرع لما الأصل وياك".
وما ذكرته معروف جيدا لمثقفي شعبنا وأنا هنا فقط أصيغه بتعابيري الشخصية، أذ عندما يوافق بطريرك الكنيسة الكلدانية على ترقيته من منصبه الى رتبة كاردينال فهذا يعني أنه يعترف من كونه ليس أكثر من مستوى رتبة أسقف سان دييغو للكنيسة الكاثوليكية على سبيل المثال، وسرهد يعيش في الغرب منذ أكثر من ثلاثين عام ونيف ويعرف جيدا عقلية السلطة والمراتب التي يولع بها الأنسان الغربي (قسيسا كان ام سياسيا). أضف الى ذلك أن الأوربيين وخصوصا الفرنسيين والأيطاليين ينظرون بتعالي كبير نحو "العرب – التعبير المتداول الذي يشمل جميع سكان الشرق الأوسط"، بينما يعاني أغلبية قساوسة الكنيسة الكلدانية من عقدة النقص تجاه الغرب، بل يتصورون أن الأرتباط بالفاتيكان ضرورة من أجل السيطرة على نزعات ونواقص الأنسان الشرقي، فالغربي "متطور وعادل ومنطقي" بينما أقرانهم الشرقيين من كنيستهم الكلدانية أو الآشورية متخلفين يحبون السلطة وغير منطقيين أضافة الى تفضيلهم معارفهم على الآخرين، وهكذا تبرر بل تصبح ضرورة التبعية للفاتيكان (بالمناسبة الغربي الأوربي يدًور واسطات ويريد ربعه حواليه حاله حال العربي والكلداني والهندي – لذلك في أميركا يطلق مصطلح "أدارة أوباما" يعني أوباما وربعه!!).
وكمثال صارخ يثبت أن الغربي مولع في السلطة ومغرم فيها حاله حال العربي هي "وثيقة الأيمان" التي وقعها مار باوي سورو (وكذلك جميع مطارنة الكنيسة الكلدانية من قبله وبضمنهم بطريركي بابل وسان دييغو). وهنا ما عليً غير الأتفاق مع مثقفي شعبنا الحقيقيين الذين رأوا فيها تجاوز صارخ لا على فقط التعاليم المسيحية ، بل على جميع العلاقات الأدارية بين مسؤول أو مدير وبقية المرؤوسين في أية شركة أو مؤسسة حكومية مدنية أم عسكرية في أية دولة في العالم. فتلك الوثيقة تجدها فقط بين مالك ومملوك، بين سيد وعبده فالكلمات واضحة لا تطلب من القسيس ان يخلص لتعاليم المسيح ورسالته كما هي موجودة في الأنجيل (لا توجد حتى أشارة للأنجيل في تلك الوثيقة) بل أن البابا (المالك والسيد) قد أعطى لنفسه لقب "نائب المسيح" وبالتالي ما يقوله هو يعني الأنجيل ويعني كلام المسيح (يبدو ان هذه الوثيقة هي من تبعات الملوك الأوربيين في القرون الوسطى وتشبُه البابوات بهم كسلطة عليا يجب تقديم الولاء المطلق لهم – التعبير الأنكليزي هو ،King’s sovereignty over his subjects أذ كان على اللوردات والدوقات القيام تجاه ملكهم بنفس الواجبات التي وقعها المطران باوي سورو تجاه ملكه البابا). السؤال المشروع هنا، هل توجد مثل هكذا وثيقة بل ثقافة أو تقاليد في تأريخ المسيحية وكنيستها في العراق منذ نشأتها قبل ألفين عام؟ هل توجد في ثقافتنا الكلدانية علاقات أجتماعية مثل التي تطرحها وثيقة البابوات الأوربيين؟ هل هذه هي "ثقافة الأوربيين المعجب بها" قساوسة الكنيسة الكلدانية المملؤين حتى الثمالة من كأس الشعور بالنقص تجاه أسيادهم الغربيين؟ لو أدعى بطريرك كلداني بأنه "نائب المسيح" ويطلب الطاعة له لا للأنجيل، هل سيبصم له بالعشرة مار باوي سورو وبطريرك سان دييغو كما يبصم فرحا ومهللا للأوربي؟ لا أتصور أبدا بل سُيشتم ذلك البطريرك ويُتهم بالزندقة والهرطقة و..و. بل تصور لو أدعى مار دنخا بأنه "نائب المسيح"، ماذا كان سيفعل مهرجي المطران سرهد من أصحاب القومية الكلدانية المنفردة وكم مقالة وسخة كان سينشرها موقع كلدايا نت نكاية بكنيسة المشرق ورئيسها وأتباعها؟
أن الشعور بالنقص تجاه الأوربي والضبابية في تعريف هويتهم القومية التي يعاني منها غالبية أبناء شعبنا الكلداني جائت كنتيجة لعمل المبشرين الأوربيين الأوائل في غرز الكراهية تجاه مذهب الأجداد وتعاليمهم التي أتهمت بطلانا من قبل الكنيسة الكاثوليكية بالهرطقة وهي كاملة بل أكثر كمالا من الكاثوليكية. فهناك حقيقة سيكولوجية يتم الأعتماد عليها عند تغيير مذهب أو دين أي فرد، وهي كونك لن تنجح في تغيير تعاليم مبنية على الأيمان والعاطفة مثل التعاليم الدينية شب عليها الفرد منذ صغره بين أبويه وأصدقائه وأقاربه الا أذا غرزت في ذلك الفرد كراهية وبقوة للتعاليم السابقة وعززت شعور داخلي بأنه وأبويه وأخوته وأصدقائه كانوا جميعا على خطأ. هذه سيكولوجيا غسل دماغ معروفة للجميع، والذي حدث عندنا -الشعب الذي يملك كنيسته الوطنية العريقة والرسولية- هو أن الكراهية تجاه كنيسة الأجداد "الهرطوقية" (حسب الكاثوليك) أصبحت كراهية لكل تأريخها ولكل من أرتبط بها، وبالتالي حاول هؤلاء المنشقين الأتباع الكاثوليك بناء شخصية جديدة خاصة بهم غير مرتبطة بالأجداد –الهراطقة والمخطئيين- ولكن المشكلة ان المبشرين الأوربيين الفرنسيين والأيطاليين وبثقافتهم الأستعلائية لم يكن هدفهم بناء هوية ثقافية قومية جديدة لأتباعهم بل فقط كسبهم لكنيستهم الكاثوليكية (وهنا يختلف هؤلاء عن المبشرين الأنجيليين الأميركان الذي بنوا مدارس تعلم أبناء شعبنا في أورميا لغة الأجداد وقووا هويتهم القومية – فالأنجيليين عانوا أيضا من تهمة الهرطقة التي تلقوها من الكاثوليك وبالتالي لم ينظروا الى "النساطرة" بحقد وكراهية الأوربيين، بل كان هدفهم هو زيادة أتباعهم من خلال جذب مسيحيين آخرين أليهم كما كانوا يفعلون في أميركا وأوربا في ذلك الحين بطريقة المحاباة والمساعدات العينية أو المادية التي لا تزال طريقتهم في الكسب حتى هذا اليوم). وهنا أسباب "ضياع الكلدان" وضبابية تعريفهم لهويتهم القومية وعدم معرفتهم بماذا يعرفون أنفسهم للأخرين ما عدا كونهم "مسيحيين كاثوليك"، اذ أي تعريف أبعد من ذلك سيربطهم مباشرة بأجدادهم "الهراطقة" أو بقايا أبناء شعبهم الباقون على مذهب الأجداد، ولذلك لم يقبل قسيسهم المبشر الأوربي بمناقشة موضوع الهوية القومية خوفا من حصول "الردة" وعودة هؤلاء "الرعيع الى مذهب أجدادهم الهرطوقي". وبالتالي كان التثقيف يتركز على "أنتم مسيحيون حقيقيون لكونكم كاثوليك وهذا هو المهم فقط". وهكذا شبت أجيال من الكلدان تعرف نفسها بكونها "مسيحي" فقط وعندما نمت الحركات القومية بين شعوب المنطقة لم يستطع الكلداني الأرتباط بأجداده وتأريخهم الذين يحصل من خلالهم على هويته القومية (نتيجة للأغتراب الذي كونه في داخله المبشر الأوربي) ولذلك ترى الكلداني يعرف نفسه مرة بكونه عربي ومرة بكونه كردي أو أية قومية أخرى وبسلاسة، لكنه يخاف ويتردد كثيرا في تعريف نفسه بهويته القومية الحقيقية لأنها ستعني الأرتباط بالأجداد "الهراطقة" الذين تم تعليمه على كراهيتهم لكونهم من المخطئين (طبعا الآن هناك وعي وتثقيف ومحاولات لتعزيز الشعور القومي بالتجاوز على تأريخ الأجداد النساطرة والقفز فوقهم مباشرة الى كلدان نبوخذ نصر، الذي بصراحة لن يتورع عن قتلهم جميعا أذا قام من قبره ليراهم يفتخرون بتبعيتهم الى روما لا بابل).
كفى نقاش حول ذلك الموضوع ودعوني أعطي وجهة نظر بموضوع المطارنة الجدد. وهنا أريد مناقشة شخصيتين فقط هما المطران يوسف توما والمطران باوي سورو. وبصراحة أستغربت كثيرا عند قرائتي لأسم يوسف توما فهو مع كونه شخصية ثقافية هائلة ولكنه من أتباع أسقفية اللاتين في العراق لا الكنيسة الكلدانية. وكان كل من المطران أبراهيم أبراهيم وبطريرك سان دييغو يرفضان السماح له بالتقديس في كنائسهم لكونه ليس من كنيستهم، بل لا أتذكر أن كان قد سمح له بتقديم أية محاضرة في قاعة أية كنيسة كلدانية في أميركا وأتذكر أني حضرت له محاضرة قيمة في عام 2012 أقيمت له في قاعة الفرع الآخر للكنيسة الكاثوليكية في العراق وهو السريان الكاثوليك في سان دييغو. والسؤال هنا، كيف يتعامل رجل (مهما كان مثقفا وحليما) عاش معظم حياته تابعا أداريا للفرع الثالث للكنيسة الكاثوليكية مع أدارة فرع آخر لنفس الكنيسة كانوا يرفضونه؟ وهل أختياره ضمان لأندماج الكنيسة الكلدانية وذوبانها الكلي في الكنيسة الكاثوليكية؟ ومع أحترامي له وللمطران سعد سيروب ولكن كلاهما يفضلان العربية على الكلام بالكلدانية. العربية التي بدأ يتقن كثرة أستخدامها المطران باوي سورو في كلامه مع كلدان سان دييغو (أخشى أن يؤدي أنضمامه الآن للكنيسة الكلدانية الى تعريبه وبشكل كامل). وهنا تخطرني ملاحظة وهي، هل نحن القوميين الكلدان مخطئين في مطالباتنا وتوقعاتنا من كنيسة مولعة بالأستعراب أن تقوم بأكثر مما تريد القيام به في قضايانا القومية؟ اليس صحيحا أننا نعُرف الكلدان قوميا وقساوسة الكنيسة يُعرفونه دينيا؟ (لا يغرنكم كلام بطريرك سان دييغو عن القومية الكلدانية المنفصلة فتلك الفكرة جاءت في البدء كرد فعل لترك الكثير من كلدان سان دييغو كنيستهم نحو كنائس أخرى نتيجة للتصرفات السلبية الكثيرة في زمن البطريرك عمانوئيل دلي وبالتالي قرر المطران سرهد أختراع مفهوم الهوية الكلدانية المنفصلة وطالب قساوسته بالتركيز عليها في كرازاتهم وبمشاركة المطران باوي سورو الفعالة لتعزيز شعور عند الرعية كونهم يختلفون عن بقية الكنائس، وكان القساوسة وبشكل مستمر يزجرون الرعية ويطالبونهم بعدم تعميذ أطفالهم في كنائس أخرى أو أخذ التناول أو حتى حضور القداديس للكنيسة الكاثوليكية في المنطقة وأتصوره نجح في وقف نزيف كنيسة سان دييغو الكلدانية وخسرانها للعشرات من أتباعها للكنائس الأخرى. طبعا فكرة قائد النهضة الكلدانية لها فوائد كثيرة وبالتالي العملية أخذت لاحقا منحا خاصا بها تغير ولا يزال يتغير حسب مشيئة صاحبها).
ملاحظة أخرى حول المطران باوي سورو، الحقيقة أنه يتمتع بشعبية كبيرة جدا بين كلدان سان دييغو ، أكبر بكثير من شعبية سرهد جمو الذي يخرب دائما بعنجهيته وبعض التصرفات الرعنة الكثير من أعماله الحسنة (فآخر الشطحات السرهدية هي طرده جوقات كنيسة مار ميخا في الكهون –سان دييغو لرفض قائد الجوقة تدخلاته السافرة المستمرة في شؤونها (هدد الأعضاء بالقيام بمظاهرات ضد قائد الضرورة وأتهموه ببيان بالدكتاتورية ثم قاموا بحملة جمع تواقيع كي يعيد جوقتهم.. لا أعلم أين وصلت القصة الآن)، تبعها تغييره وبشكل عشوائي طريقة صلاة "رمشت د صبرا" وعندما أظهر أحد الشمامسة مشاعره بأنه لا يستسيغ الطريقة الجديدة للأداء أجابه أمام الجميع المطرود عمانوئيل كوركيس "أذا ما يعجبك أطلع برة!!"، وبعد هذه الشطحات ألقى بطريرك سان دييغو خطبة علنية في كنيسة مار ميخا أمام الملأ أعلمهم فيها بأنه قادرعلى القيام بأي شى ولا يستطيع أحد منعه (يعني يعجبكم أطرد الجوقة يعجبكم واذا لا فطبكم مرض، فأنا الزعيم!!). نرجع الى المطران باوي وكونه مطرود من كنيسة المشرق وبالتالي القلق من صعوبة تعامله مع قساوسة كنيسة المشرق، وهنا لدي مثال حي عن طريقة تعامل بطريرك سان دييغو مع القسيس يوحنا جبو راعي كنيسة مارت هرمزد الأشورية، والأب جبو كان سابقا قسيسا في الكنيسة الكلدانية تركها وأنضم الى كنيسة المشرق، وهذا القسيس يتعرض الى محاربة شرسة من بطريرك سان دييغو الذي يرفض أن يتم دعوته الى أي مجلس يحضره، بل رفض قسيس كنيسة مار ميخا بالسماح له بالوقوف على مذبح كنيسته عندما طلب ذلك أحد أبناء مدينته تلسقف "لأنه مطرود من الكنيسة الكلدانية ولا يحمل رتبة كنسية فيها لذلك يعتبر رجل عادي يجلس مع الحضور الآخرين ". السؤال هنا، أطرحه الى المطران باوي سورو علنا، اذا كنت تريد أن يعاملك قساوسة كنيسة المشرق بأحترام، أتصور أنه عليك المبادرة ودعوة الأب يوحنا جبو الى أحد أجتماعاتك مع الرعية الكلدانية – لن أطلب منك السماح له بالتقديس في كنيسة في سان دييغو لأنها ليست ضمن أبرشيتك - ولكنك تستطيع تجاوز ذلك بمد يديك الى الأب جبو ودعوته الى أحد أجتماعاتك مع الرعية كمبادرة ورسالة منك بأنك لا تريد أن يعاملك قساوسة كنيسة المشرق كما عامل المطران سرهد وقساوسته الأب يوحنا جبو، هل تستطيع القيام بذلك؟"
في الختام، هناك حقيقة أمامنا جميعا من أن ما يقوم به المطران سرهد جمو من تصرفات ترقى في الواقع الى وجود بطريرك غير منتخب لا يعترف بسلطة البطريرك المنتخب لأن الأخير غير قادر على التأثير عليه وكونه تابع لنفس قيادة الفاتيكان التي يتبعها سرهد (وبالتالي الشعور بأنه مساوي له في الرتبة الكنسية ومتجاوزا له في القدرة المالية). أضافة الى كون سرهد يملك مجموعة كبيرة من الكتاب العلمانيين (بغض النظر عن تقييم ضحالة أو صحة كلامهم من عدمه) تساند أفكاره وتنفذ مخططاته بينما لا يملك بطريرك بابل مثل هذه المجموعة من المساندين (لأنه لا يثق في دور العلمانيين كجزء أيجابي من أجندته بسبب محدودية قدراته على المناورة السياسية والتنظيمية)، لذلك تراه يضطر الى الأجابة بنفسه على جميع الأسئلة أو تهجمات مجموعة سرهد من خلال أصدار بيانات مستمرة بأسم البطريركية، بينما لا يقوم بذلك بطريرك سان دييغو الذي يعتمد على مسانديه في دفع أجندته والأجابة على ردود أفعال المعترضين).
المحصلة النهائية، ألمشكلة ليست في سرهد جمو ولا في لويس ساكو، ألمشكلة في المثقفين الكلدان وعدم قدرتهم على التنظيم، فهم في أعماقهم يعانون من نفس الفايروس الذي زرعه في أبائهم المبشر الأوربي "المهم أنت مسيحي حقيقي كاثوليكي ولا يهم غير ذلك" وهنا داء الشلل وعدم القدرة على خلق تنظيمات سياسية مستقلة عن الكنيسة وكما أثبتت الأيام وقبل البدء في تأسيس مثل هذه التجمعات تراهم يذهبون الى قسيس كنيستهم طالبين منه المشورة والقرار وبعد ذلك يتخبطون في تفسير قرار القسيس ليرجعوا الى بيوتهم يتناقشون في أفكارهم مصلين الى الباري تعالى أن ينصر قسيسهم في أتخاذ قرار صحيح لهم.. وذلك القرار لا يأتي أبدا، فيستمر التخبط.
هذه ملاحظات شخصية أضيفها الى النقاش الدائر بين مثقفي شعبنا حول التطورات الأخيرة في الكنيسة الكلدانية، أرجو أن أكون قد وفقت في أضافة شئ يخدم في النهاية مهمة خلق أنسان كلداني/آشوري/سرياني جديد واعي لتأريخه وهويته ويعتز بثقافته ولغته القومية. وشكرا.
الدكتور غسان شذايا
سان دييغو، كالفورنيا
18 كانون الثاني 2014
ghassan2@gtekworks.com