ايقاف الكاهن المتمرد قرار جريء تأخر صدوره
بولس يونان برخو
السويد في 2014-02-26
اذهبوا وتلمذوا
( فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. ) مت 28: 19
ان الرسل اخذوا على عاتقهم ايصال رسالة ربنا يسوع المسيح الى العالم كله, انتشروا باتجاه جهات المعمورة الاربع, لم يحملوا لا زادا ولا ثيابا ولا مالا. رسل شهداء تحملوا كل المصاعب من حر وبرد وعطش وجوع بالاضافة الى الاضطهاد لم ييئسوا, اغلبهم نال اكليل الشهادة برحابة صدر . عملوا بموجب وصية ربنا حين قال: ( اشفوا مرضى. طهروا برصا. اقيموا موتى. اخرجوا شياطين. مجانا اخذتم مجانا اعطوا. لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم. ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا احذية ولا عصا. لان الفاعل مستحق طعامه ) مت 10 : 8 - 10
وجوب الطاعة
ان الكاهن او الراهب عندما يعلن نذوره ويقدم نفسه لخدمة الرب وكنيسته المقدسة فانه من النقاط التي يتضمنها نذوره هي طاعة رؤساءه والاخلاص والتفاني لخدمة الكنيسة وتعهد الفقر وغيرها.
لم تكن هنالك اكليريكيات في بداية انتشار المسيحية, ولا حتى رهبانيات. كان هنالك اخوه رسل هجروا العالم وملذاته وكرسوا انفسهم لغاية مقدسة, الا وهي ايصال بشرى الخلاص الى العالم كله.
عندما قبل الكثيرون هذه الدعوة وازداد عدد المسيحيين, تطلب هذا تنظيم رسالة الخدمة فكان هنالك سلك كهنوتي, سلك تقديم الذات وتكريسها لهذه المهمة النبيلة. بما ان هذا تطلب تنظيم امور الخدمة واستحداث درجات كهنوتية فكانت هذه الدرجات الثلاث في الكهنوت, الاسقفية والكهنوتية والشماسية.
كان ولا زال تعهد طاعة الرؤساء مقدسا, كانت ولا زالت اوامر الرئاسة الكنسية ارادة الرب ومشيئته, ارادة ربانية لا تقبل النقاش. رسل قضية, حاملي رسالة, يعملون لها ويطيعون هذه الارادة. فكان ان كرسوا انفسهم وانكروا ذاتهم وابتعدوا عن الدنيويات لخدمة الروحانيات, فكانوا بحق رسلا قديسين, شهداء حق, زارعي امل, باذري حب, نواطير حياة. متحملين الاضطهادات, لان يسوع المسيح كان قد قال لهم بان هذا ما سيحدث لهم : (وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي. ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص.) مت 10: 22, مر 13: 13
ظهور الرهبانيات
لا يوجد تاريخ محدد لظهور الرهبانية, رغم انها تنسب الى القديس اغسطينوس في مصر, فهو اول من نظم الحياة الرهبانية بعد ان ازداد عدد الذين كرسوا ذاتهم كليا للمسيح وانتظار اليوم الاتي, يوم القيامة.
ازدادت الاضطهادات وتوسعت وتنوعت في اساليبها, ضاقت الدنيا بوجه المسيحيين للمجازر الهائلة التي لم تستثني لا صغير ولا كبير, لا رجل ولا امرأة, كنيسة مضطهدة. كان عزاؤهم اليوم الاتي, وهو تسليتهم واملهم, ولكي يشجع رؤساء الكنيسة المؤمنين على التحمل والثبات كانوا يشدون من عزيمتهم بان هذه الاضطهادات هي من علامات الساعة, كما قال الرب : (ها انا ارسلكم كغنم في وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام. ولكن احذروا من الناس.لانهم سيسلمونكم الى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم. وتساقون امام ولاة وملوك من اجلي شهادة لهم وللامم. فمتى اسلموكم فلا تهتموا كيف او بما تتكلمون. لانكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لان لستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم. وسيسلم الاخ اخاه الى الموت والاب ولده. ويقوم الاولاد على والديهم ويقتلونهم. وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي. ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص.) مت 10: 16-22
تأخرت الساعة ولم تكن تلك هي الساعة, فأنقسم الرهبان فئتين فئة المتوحدين الذين انعزلوا كليا عن العالم في الكهوف والبراري, منتظرين اليوم الاتي وفئة الرهبان العاديين الذين عاشوا حياة جماعة, تشترك في الصوم والصلاة. ان البعض اعتبر المتوحدين اشخاص انانيين لانهم سعوا الى خلاص انفسهم فقط, ولكن هذا الفعل كان من الايمان لان الكل كانت تسعى للخلاص لوحدها, الكل كانوا مبشرين, منتظرين اليوم الاتي.
خدمة الاسرار
لم يكن الرهبان يشتركون في خدمة الاسرار في بداية الامر, لان احد اعمدة الرهبانية هي الانعزال والتفرغ للعبادة من صوم وصلاة. كان لانتشار القرى والمجمعات المسيحية حول او في اماكن تواجد هذه الاديرة, وعدم وجود كهنة فيها, اثرا في خروج الكهنة الرهبان من اديرتهم وتقديم خدمة الاسرار للمسيحيين المتواجدين في هذه القرى. فنظمت الرئاسة الرهبانية عمل هؤلاء بحيث كانوا يخرجون في الصباح ويتوزعوا للخدمة كل حسب وجهته, وكانوا يعودون الى اديرتهم قبل الغروب. لم يكن يحملوا معهم اي شيء ولم يرجوا مقابل خدمتهم شيء, عملا بوصية الرب: ( اشفوا مرضى. طهروا برصا. اقيموا موتى. اخرجوا شياطين. مجانا اخذتم مجانا اعطوا.) مت 10: 8
ونظرا لبعد بعض القرى وعدم امكانية الرجوع الى الدير في نفس اليوم, سمحت الرئاسة الرهبانية لبعض الكهنة بالبقاء والمبيت في تلك القرى, على ان يعودوا بعد بضعة ايام. وهكذا الى ان اصبحت رسالة الرهبان عمل تبشيري. فجرى تنسيب الرهبان الكهنة للخدمة, وحسب اوامر الرئاسة الرهبانية. تمسك هؤلاء وعملوا حسب اوامر رئاساتهم, طاعة كلية لا يمكن الحياد عنها وهذه الطاعة شملت حتى بعض الاساقفة عندما امرتهم رئاساتهم بان يلتزموا اماكن اقامة محددة.
رئاسة الكنيسة والهجرة
ازداد عدد المسيحيين المهاجرين من بلدان الشرق الاوسط, بصورة ملحوظة على شكل موجات متعاقبة في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي, ولحد اليوم. وكلها وجهتها اوروبا وامريكا في الغرب واستراليا ونيوزيلندا في الشرق, فكونوا جاليات ذات ثقل في بعض الاماكن. ان تمسك هؤلاء بطوائفهم وطقوسهم جعل من الضروري وجود كهنة من طوائفهم للقيام بخدمتهم.
ان هذه الحالة اثقلت كاهل رئاسات الكنائس لعدم تمكنها من مواكبة تقديم الخدمات الكنسية, فالزرع كثير والفعلة قليلون. لم تنظر الكنيسة الى الوضع الجديد ولم تولي اهتماما برعاياها المغتربين لانها اعطت الاهمية للمتواجدين في ارض الاباء والاجداد. ان الرئاسة الكنسية معذورة في نظرتها هذه فانها لا تستطيع ان تغطي كل اماكن تواجد رعاياها نظرا لقلة عدد الكهنة, وكذلك تلام لانها لم تبحث عن الخروف الضال.
رغم هذا فان رؤساؤنا كان يجب عليهم ان يوازنوا بين الحالتين, ويدرسوا بجدية الوضع الراهن. ونظرا لوجود هذا الفراغ في خدمة الاسرار لابناء الكنيسة المغتربين فان بعض الكهنة المتمردين قد استغلوه لمنافعهم الشخصية. ان اغلب الكهنة الموجودين في الغرب هم كهنة عاصين, متمردين وهاربين اما لوحدهم او حملوا معهم ما استطاعوا حمله من المال الحرام ولقمة عيش المعوزين والايتام. اتخذوا نقص الرعاة مسلكا لملئ هذا الفراغ, ليس حبا بالخدمة, خدمة كنيسة الرب وانما مهنة لصوص احتلوا الدار.
بكذبهم, بقولهم الباطل طرقوا ابواب دوائر الهجرة, طالبين الحماية ! حماية من ماذا؟ حماية من وهم, مِن عمل قد انذروا انفسهم له. مختلقين وفنانين في اختلاق الكذب والحيل في سبيل غاياتهم الدنيئة. عصاة متمردين, هربوا من تعهداتهم بوجوب الطاعة والتفاني في خدمة الرب في الاماكن التي ترتاؤها الرئاسة الكنسية. توجهوا نحو الغرب, وجهتهم ابواب دوائر الهجرة, نسوا انهم كهنة, حاملين رسالة, لعبوا لعبة الامم , لبسوا ثياب الحملان وهم ذئاب كاسرة. كذبوا على دوائر الهجرة في اسباب تقديمهم اللجوء, فسرقوا اقامات ليسوا اهلا لها بمكرهم وكذبهم ووضاعة انفسهم.
استغل هؤلاء هذا الفراغ فاكملوا اجرامهم, نصبوا انفسهم رعاة امر واقع واستمروا في ممارسة تلك الدرجة المقدسة التي دنسوها بافعالهم وعصيانهم. اتخذوا الكنائس دكاكين لبضاعتهم الفاسدة. تجار بضاعتهم اسرار الكنيسة. بما ان كل لكل بضاعة سعرها فلم لا يكون لبضاعتهم ايضا اسعارها!!! فكان للعماد سعره والزواج سعره وورقة مطلق الحال سعرها..الخ. فحق فيهم قول المسيح: ( ان بيتي بيت الصلاة. وانتم جعلتموه مغارة لصوص ) لو 19: 46
ألهذه الدرجة اصبحت اسرار الكنيسة وضيعة لكي تباع وتشترى, وان تتخذ الكنائس دكانين لهذه البضاعة!!!
قرار جريء
ان قرار سيادة المطران ربان القس بايقاف رتبة الكهنوت عن المتمرد مازن حازم اسطيفان هو قرار جريء واثلج الصدور. انه قرار طال صدوره. انه قرار يعيد للكنيسة هيبتها وقدسيتها, انه قرار يوقف تمادي هؤلاء التجار من ان يتخذوا الكنائس دكاكين لبضاعتهم. اتمنى من قداسة بطاركتنا ان يكونوا بنفس الشجاعة ويوقفوا عمل جميع المتمردين الهاربين والمتاجرين باسرار الكنيسة. لا يخافوا فان للدار رب يحميها. ان وجود هؤلاء وفرضهم انفسهم كواقع حال هو الافة بعينها, فخير للكنيسة ان لا يكون فيها كاهن , من ان يكون هؤلاء ببضاعتهم الفاسدة في هذا الموقع. ان عليهم ان ينقوا حقل الرب وبيدره من الزوان. كما اتمنى منهم ان يوقفوا مهزلة هروب ولجوء المتمردين والمتهربين من قضايا فساد والعاصين لرئاساتهم ليحتموا بالكنيسة الشقيقة الاخرى, فالكهنوت ليس مهنة تعرض لكل من يريد ان يوظفها, الكهنوت ليس حرفة تعرض في سوق العمل. فليس من المعقول ان تقبل الكنيسة كل عاص من الكنيسة الاخرى, ان هذه الحالة مهزله.
اتمنى ان يكون رؤساء كنائسنا بذلك الحزم, ليقطعوا دابر الشك ويعيدوا لعمل سلك الكهنوت قدسيته. وياخذوا بقول حكيم: ( ان من لا يصلح لكنيسته لا يصلح للكنائس الاخرى!!! ). عليهم ان لا يقللوا من قدسية الكهنوت, لان هؤلاء المتمردين اتخدوه مهنة, اتخذوه تجارة, يعرضون المقدسات في سوق النجاسة. ان هؤلاء العصاة امتهنوا الكهنوت وعرضوا اسرار الكنيسة بابخس الاثمان, ان بقاء هؤلاء هو معصية للاخرين, انهم زوان الحقل وعلى رب الحقل ان ينقي بيدره من هذا الزوان. فان المسيح في هؤلاء قال: ( والحقل هو العالم. والزرع الجيد هو بنو الملكوت. والزوان هو بنو الشرير). مت 13: 38
ان هؤلاء هم فعلا اولاد الشرير. وان سيادة المطران ربان القس بقراره الشجاع هذا قد شرع بتنقية البيدر فما من الاخرين ان يحذوا حذوه ويأخذوا بيده, لكي تستأصل هذه الافة التي تنخر جسم الكنيسة. ان ارادت الرئاسات الكنسية ان تعيد للكنيسة هيبتها فعليها ان لا تغض النظر عن الاعوجاجات الموجودة في الكنيسة او اي خروج عن طاعتها ومن اي كان.