بولس يونان مروجي محافظة او اقليم المسيحيين وداعش «
في: 16.06.2014في 15:58 »
مروجي محافظة او اقليم المسيحيين وداعشبولس يونان15.06.2014
عندما لا نستطيع تحقيق بعض مشاريعنا وامنياتنا على ارض الواقع فاننا نلجأ الى ما وراء المحسوس او ما يسمى الاحلام لتحقيق ما نصبو اليه, رغم ان الاحلام لا تحمل لنا الصورة الوردية التي نرجوها ولكننا في معظم الاحيان نحاول ان نستعيد من احلامنا المقطع الرومانسي الجميل الذي يتماشى ويحقق لنا ما نفتقده على ارض الواقع.
شروط ادارة منطقة جغرافيةاتطرق فقط الى الشروط التي يجب توفرها لادارة منطقة جغرافية في المناطق الغير مستقرة والمحكومة ببديهية الكثرة العددية سواء القومية او المذهبية والتي تغيب فيها المواطنة وحقوقها التي تشمل الجميع بصورة لا تدخل فيها اعتبارات يمكن ان تصنف فيها المواطنة بموجب درجات الافضلية والتبعية.
فاذا غاب مفهوم المواطنة في ظل دساتير تتضمن بنودها و تستند على شرائع فوقية أوما ورائية كبند رئيسي في تشريع الدولة فانه في هذه الحالة لكي تضمن دوام ادارة اية منطقة جغرافية ضمن هذا المجال يجب تتوفر عدة شروط مهمة ومنها:
1 - ارض او ساحة متجانسة يستطيع القائد او الحاكم ان يتحرك عليها.
2 - القوة او السلاح الكافي والمتفوق الذي يضمن ويؤمن حركة القائد وصمود الذين تحت امرته وحتى دحر اية قوة تحاول خرق هذا مجالهم الحيوي او محاولة استباحته.
3 - الافراد او العساكر الذين يجيدون القتال ومستعدين للتضحية بالنفس وجاهزين لاستخدام هذا السلاح بوجه اي اختراق للمنطقة الجغرافية العاملين فيها.
4 - توفر روابط مشتركة عديدة لساكني تلك المنطقة الجغرافية.
اين نحن واحلامنا الوردية لمحافظة او اقليم لنا؟لنناقش هذه النقاط ونرى امكانياتنا بموجبها!!!
- لم يتم وضع حدود واضحة للمحافظة المزمعة او يحصل اتفاق بين الاحزاب والطوائف المسيحية او المحسوبة على هذه الديانة على حدود ثابتة او مقترحة لهذه المحافظة او الاقليم, رغم تمادي اقلام البعض عندما استرسل في احلامه وهو يخط حدود هذا الحلم بدون ان يوقف زحف او سير هذا القلم العوامل الجغرافية والدينية والديموغرافية التي صادفها وهو يكمل الخط ليصل الى النقطة التي بدأها وليدخل داخل حدوده رقعة جغرافية اقل ما يقال عنها انها حلم شخص معتوه او مجنون.
اما اذا كنا واقعيين فان المنطقة التي هي حقنا كَمُكوِن عند تقسيم الكعكة هي شارعين غير متصلين احدهما يتجه شمالا من قرية باطنايا الى قصبة القوش والثاني يتجه جنوبا من قرية كرمليس الى قرةقوش ( بغديدي ), بعد ان فقدت كل من تلكيف وبرطلة اغلبيتها المسيحية.
- ما هي القوة التي نملكها في حالة اضطرارنا للدفاع عن ارض الاجداد؟ ليس لدينا ميليشيا ولا اسلحة وليس لدينا اناس مستعدين لبذل الذات عندما يجد الجد ولا قيادة عمليات مشتركة او مركزية. هل يمتلك اي حزب او تنظيم لمكوننا الميسحي اية قوة قتالية تستطيع على الاقل ان تردع اي عدوان او انتهاك لمنطقتنا الجغرافية.
هنا يمكن ان نتكلم عن التنظيمين الاكبرين الفائزين في الانتخابات الاخيرة, الحركة الديمقراطية الاشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري. ليس للحركة اي تنظيم عسكري سوى بعض افراد الحماية وهذه ايضا شكلية لاكمال الديكور لا يستطيعوا ان يدافعوا عن انفسهم فكيف بهم بمن هم مكلفين بحمايتهم. ان للحركة تجربة مريرة بهذا الشأن فعندما دخل الجيش العراقي مدينة اربيل لمساعدة قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد قوات الاتحاد الوطني هربت القيادة من عنكاوة وكان الضحية بعض افراد الحراسة.
كما ان المجلس الشعبي لا يملك قوة عسكرية قتالية, ما لديه هو فقط نفر من الحمايات غير كفوئين عسكريا يفتقرون الى ابسط المهارات القتالية, انخرطوا في هذه القوة ليس للدفاع عن القصبات المسيحية ولكن لكسب بعض العيش, اي انهم يعملون ببطالة مقنعة وانهم سوف يتركوا الموقع والسلاح في اية لحظة يشعرون فيها بانهم في وضع المواجهة العسكرية.
كما ان ليس لباقي التنظيمات المعتبرة على المكون المسيحي ما يمكن ان تسميه قوة قتالية سوى بعض الشحطات كما لحزب بين النهرين, اعلاميا لديه معسكرات تدريب ومتطوعين وهذه فقط لالتقاط الصورة للدعاية وبعد ذلك لا شئ.
- ساكني المنطقة من المكون المسيحي عبارة عن مجموعة غير متجانسة قوميا او دينيا طائفيا فاذا اعتبرنا ان الحركة الديمقراطية الاشورية تنظيم قومي فان قاعدته في منطقة ما يسمى سهل نينوى مع باقي التيارات القومية الاشورية لا تتعدى بضعة عشرات و لو قسمتهم على عدد هذه التيارات القومية لكانت حصة كل منهم بعدد اصابع اليد الواحدة.
غالبية سكنة هذه المنطقة هم من الكلدان والسريان بشقيها الارثودوكسي والكاثوليكي وهؤلاء بغالبيتهم يكرهون او يتجنبون الدخول في معترك السياسة , وبذلك تجدهم عكس الاشوريين يتمسكون بطائفتهم الدينية اكثر بكثير من ايمانهم بالاحزاب والتنظيمات السياسية التي تفرخت بين صفوفهم في غفلة من الزمن ونتيجة الفراغ الهائل الذي حدث بعد الهجمة الامريكية واحتلالها العراق في عام 2003 ونتيجة المساحة الكبيرة التي منحتها قوة الاحتلال الجديدة لاصحاب اقتناص الفرص نجد تنامي احزاب ومكونات المكون المسيحي بشكل اميبي لم تكن غاية اصحابها الدفاع عن حقوق هذا المكون بقدر ما كانت جني الربح مما توفره دكاكينهم الجديدة لاصحابها.
الملاحظ في الحركة الديمقراطية الاشورية هو احتضانها لبعض الوجوه الكلدانية بعد حرب الخليج الثانية والتي نتج عنها شبه الاستقلال الذي حصلت عليه المنطقة الكوردية في شمال العراق وسهل الوضع الجديد لهم بفتح مقرات فيها. السبب لم يكن مطلقا ايمان هذه الحركة بوحدة الطوائف المسيحية باعتبارها قومية واحدة ولكن السبب الحقيقي هو لاعطاء بعض الشرعية والغطاء لعملها في الطوائف الكبرى ذات الثقل السكاني من الكلدان والسريان. فلو كان ثقل الاشوريين السكاني هو الطاغي لما اعطي هذا المجال ولو لهشاشته لهذا البعض من الكلدان بتبوء مناصب قيادية في الحركة.
شرعية مطالب هذه الاحزابعلى ضوء ما سبق لا نملك مقومات الحصول على سهل نينوى كأرض الاجداد وان ما يتداول بشان انشاء محافظة او اقليم مسحيي ومساحة الحرية الممنوحة لمروجي هذا الكيان السياسي من بعض احزاب المكون المسيحي هو نتيجة صراع الحيتان الكبيرة للحصول على اكبر مساحة من الكعكة الكبيرة عن طريق كيانات الاقليات وذلك بسبب عدم اتفاقها على توزيع المناطق التي اطلق عليها المناطق المتنازع عليها ولذلك نجد محاولة رعاية هذه الحيتان لبعض دكانين المكون المسيحي او حتى انشاءهم دكاكين باسم بعض ابناء هذا المكون.
وضعت مادة خاصة في الدستور العراقي تحت بند المادة 140 لحل موضوع مناطق سميت بالمتنازع عليها ومن ضمنها منطقة سهل نينوى التي تدعي جميع هذه الحيتان احقيته في ضمها الى كيانها. وعندما لم يستطع هؤلاء الاتفاق على توزيع هذه المناطق اتجهوا نحو كسب ود ساكنيها من الاقليات سواء الدينية او القومية ونتج عن هذا التوجه ظهور حركات بين ابناء هذه الاقليات تطالب بالحقوق ومنهم التركمان والكورد الفيليين والشبك والكلدان الاشوريين السريان.
هل ترى المحافظة او الاقليم الخاص بالمكون المسيحي النور؟ان حالة الكانتونات السياسية او الدينية موجودة في كثير من الدول الاوروبية وباقي الدول المتقدمة والمستقرة سياسيا وذات دساتير مبنية على المواطنة وهذه موجودة حتى في دول اوروبية صغيرة لا يمكننا تصورها كيانات اثنية او دينية شبه مستقلة كما هي حال بلجيكا او سويسرا فهاتين الدولتين تتكون من عدة ولايات مرتبطة كونفدراليا ولا يحس بها اكثرية الناس بسبب بناءها على تساوي حقوق وواجبات مواطنيها بغض النظر عن قوميتهم او طائفتهم. اما الدول الاوروبية ذات الكيانات القومية او الدينية المختلفة التي كانت محكومة بالانظمة الدكتاتورية فنلاحظ تشظيها الى دول وكيانات بعدد القوميات او الاثنيات كما في حالة اغلب دول اوروبا الشرقية والمثال الوضح هو الاتحاد اليوغسلافي الذي تشظى الى خمسة كيانات غير مستقرة ولولا وقوعها في اوروبا لكان وضعها يشبه العراق حاليا فهي تعاني كما العراق من وضع المناطق المتنازع عليها او الحالة الدونية للاقليات الموجودة في هذه الكيانات المتشظية, والتي لولا قوة الاطلسي او القوة المشكلة بعد العدوان الاطلسي لكانت مثالا يسبق العراق في اقتتالها الطائفي.
رغم ان الوجود المسيحي في منطقة الشرق الاوسط وكل البلدان الاسلامية هو على كف عفريت ومحكوم بالزوال عاجلا او آجلا نلاحظ دخول قياداتنا الدينية على الخط السياسي والدعوة للبقاء وتأييد انشاء هذه المحافظة او الاقليم.
ان المنطقة باجملها هي عبارة عن قدر يغلي, لا توجد نقطة فيه ثابتة. خريطتها الدولية والاقليمية دائمة الحركة ولا يمكن ان تستقر ما دام النارالذي تحت القدر يشتعل. دول كبيرة وقوية مثل تركيا وايران واسرائيل مرعوبة مما يجري وتخاف على مستقبلها السياسي واستقلالها الاقليمي, خارطة العمالقة والحيتان غير مستقرة وغير مضمونة ونأتي نحن الدعاميص ونضع كتفنا بموازاة كتف الحوت ونقول له تزحزح قليلا فهذه المنطقة مجالي في الوقت الذي نجد فيه الحوت نفسه مشغولا وحائرا بكيفية تأمين منطقته ومجاله.
داعش دليل آخر لزوالناقوة دينية متشددة تكفر المسلمين من ابناء السنة الذين لا يتبنون خطهم ويشرعون سفك دمائِهم ويدعون الى هدم مساجد الشيعة وازالة جميع الاضرحة سواء السنية او الشيعية, ماذا يكون موقعنا وحالنا عندما ينتهون من تصفية الحسابات والعداءات المزمنة بينهما؟ في اقل احتمال لن يكون بافضل منهم, لاننا نخالفهم دينا وقوما ونحن اقل شئ في نظرهم كفرة!!! ماهي تبعات هذا النعت؟ ارجو ان تراجعوا التاريخ قبل ان يتأَزم الوضع وتخرج الامور عن السيطرة ولا تفيد الترقيعات ولا اية اجراءات مهما كانت لانقاذ ما يمكن انقاذه وتكون بانتظارنا مذبحة اخرى ابشع من مذابح السلطنة العثمانية قبل وخلال الحرب العالمية الاولى.
ان تصور الكنيسة ورؤسائها بابقاء وجود مسيحي في مناطق مهد المسيحية هو ضرب من الخيال او على الاقل امنية يرجون تحققها. اما اصحاب الدكاكين الحزبية فانهم لا يهمهم ما يحل بزبائنهم من ابناء المكون ولكن ما يهمهم هو ضمان واستمرار الربح وانهم سوف يكونوا اول الهاربين عند اقتراب الخطر من دكاكينهم. والا فما هي خططهم في اوقات الازمات او متطلبات الطوارئ!!! لا شئ على ما اعتقد فلا تواجد لهم يذكر او اجراءات طوارئ لاستيعاب ابناء المكون الهاربين من الموصل بعد احتلالها من قبل داعش والمتحالفين معه لا من جانب القيادات الدينية ولا اصحاب الاحزاب القومية. ولربما هم في اجازات ترفيهية خارج البلد...فقط لربما.
اذا كان 800 متشدد من قوات داعش قد اذلت فرقتين من الجيش العراقي وجعلته ينهزم مدحورا تاركا كل تجهيزاته والتزاماته العسكرية التي تفرض عليه الثبات وحتى بذل النفس. اذا كان هذا العدد القليل قد استطاع ان يدحر عدة عشرات الالوف من القوات المدربة تدريبا عاليا ومجهزة باحدث الاسلحة وان يحتل ثاني اكبر مدينة عراقية بملايينها من السكان, فان شخص واحد منهم يكفي ليجعل قصبات وقرى مكوننا في السهل خاوية خالية بين ليلة وضحاها.