أمريكا بلا حياء: صمتٌ متعمَّد وتصريحات مغلَّفة وفعلٌ خجول «
في: 27.08.2014 في 20:54 »
أمريكا بلا حياء: صمتٌ متعمَّد وتصريحات مغلَّفة وفعلٌ خجول
لويس إقليمسألصمتُ عن فضح المعصية وكذا التمهّل بإدانة الجريمة والتنديد بها وإبراز تأثيرها السلبيّ المدمّر على البشر، تُعدّ تواطؤًا ومشاركة ضمنية بفعلها وتشجيعًا لفاعليها. وهذا ما حصل ومازال يحصل من جانب أمريكا والسائرين في ركابها.
فقد أثبتت هذه القوّة الجبّارة قاسية الرقبة وفاقدة الحضارة وشرهة المطامع، أنّها حقًّا عدوّة الشعوب المستضعفة وسالبة حرية أبنائها وخياراتهم، هؤلاء الذين انخدعوا بوعودها الحامية للحرية المزيّفة والديمقراطية الّلاأخلاقية التي تصدّرها لبلدانهم ذات الحضارات العريقة. ولكنّ هذه الشعوب المغلوبة على أمرها،وبسببٍ من واقع حالهاالفكريّ والدينيّ والمذهبيّ محدودِ الأفق وقاصر الرؤية، تبدو ما تزال في غالبيتها متعطّشة للبحث عن حرّية مفقودة وباحثةً عن رؤية ليبرالية ومدنية تتوافق وتنسجمُ مع تطوّر البشرية وتقدّمِها إلى جانبحلمها وأمنيتها بهامشٍ من الاستقرار الذي يستحقُّه مواطنوها. كلُّ هذا وغيرُه من الرغبة في التغيير، يأتي كنتيجة حتميّة للمآسي التي تعاني منها المجتمعات المبتليةبسبب الغزو التتاري والبربريّ المعاصر المتمثل بالتنظيمات المسلّحة المتشدّدة التي تتشدّق بالدين الإسلاميّ، والإسلام المعتدل بريء منها، إن هو تفاعلَ مع العصرنة وتطوّر مع الكون وتقدّم مع العلوم لصالح البشرية دون تمييز!
أمّا الوعود التي لهث وراءَها المغتربون والمهاجرون إليها من كلّ بلدان العالم، فقد انكسرت هذه على صخرة فقدان السمات الوطنية والدينية والتراثية لهؤلاء، في ضوء ما يبدر اليوم من هذا القطب الواحد المتجبّر على المسكونة وساكنيها وساستها وعلى اقتصادها وعلى ثروات البلدان المستضعفة الغائصة في وحلِ التخلّف والجهل والطغيان. فقد آثرت الأغلبية المهاجرة التي ابتلعت الطعم وقصدت بلد العام سام، الصمتَ وعدمَ الحديث عن واقعها الحالي الذي آمنتْ وقبلتْ به صاغرة، بعد تركهم الأوطان خلفهم وبيع ممتلكاتهموالتضحيةبتحويشة العمر مقابل راحة البال والترف الحالم في بلدٍ غادرَهُ الحياءُ وأنكرَ قادتُه الأخلاقَ والآدابَ. لكنّ هؤلاء المهاجرين في ذات الوقت، لا يخفون مخاوفَهم من الواقع الجديد بعد تغيّر أحوالهم وانقلابها من حيث يدرون أو لا يدرون. كما أنّ العديدين، يجرّون اليوم الحسرات على فقدانهم للوطن الأمّ وهم مازالوا يحنّون بعفوية إلى أسلوب حياتهم السابق حينتذكّر أصدقاء الأمس و"درابين" المدن والقرىومجرساتالكنائس ورفعالأذان من الجوامع والحسينيات وجلسات الطربوالترفيه أيّام زمان وأماكنها وأبطالَها. فقد أيقنوا أنّ الجهة الرئيسية التي خلقت الأوضاع الجديدة في بلدانهم ومناطقهم والعالم، هي ذات الجهة التي تأويهم اليوم. وهذا ما يضطرّهم للسكوت عن الأفعال الشنيعة التي تقوم بها الإدارة الأمريكية إلاّ على خجل، ولا سيّما بعد حقبة الثمانينات وبصورة أكثر بعد أحداث 2003 واحتلال العراق بحجج واهية، حيث كان يمكن لهذه الإدارة معالجة الأزمة بتنحية القيادة الظالمة السابقة بوسائل بديلة، تجيدهاوتتقنها جيدًا دون غيرها في التعاطي في مثل هذه الأزماتعبر استخباراتُ ال "سي آي أي" والقيادة المركزية، تمامًا كما حصل في بلدان عاتية مثيلة للعراق.
إنّ مواقفالصمت والترقّب والتجاهلالّلاأخلاقية التي أبدتها الإدارة الأمريكية والسائرون في ركبها من دول الغربإزاء ما تعرّض له العراق وعدد من مدنه منذ بدء الأزمة التي طالتْ، ولاسيّما في أحداث الموصل المأساوية، وحدها كافية لإدانتها ووصفها بالوحش الكاسر الذي لا يختلف عمّا يقترفُهُ "الدواعش" البرابرة بحق المسيحيين بالموصلومقترباتهاوسائر الأقليات الأخرى بالمنطقة التي تعاني من ذات المصير المحتوم الذي لا يقلّ وصفًا عن الإبادة الجماعية المرفوضة إنسانيًا ومجتمعيًا ودينيًا. ومن يراقب الأحداث في العالم بعد تولّي "أوباما حسين" الرئاسة الأمريكية،وهو المناصر والموقظ للتشدّدمن مكامنه، يمكن أن يقف على حقيقة المخطّط الشيطانيّ الذي ينفذّه بتأنٍّ ومنهجية بالرغم من صيحات واحتجاجات العالم، فيما الشعبُ الأمريكيّ الغارق في مفاسد العولمة راضخٌ لهذا المخطَّط، إنْ لم يكن لا أباليًّا من الدرجة الأولى أو مشاركًا ضمنًا. بل حتى المغتربون من العراق ودول المنطقة الّلاجئون إلى أمريكا، لم تبدرُ منهم تحرّكاتٌ فاعلة وإدانات ثورية وانتقادات واضحة للمخطّط الاستراتيجي المنهجيّ لهذه الإدارة والعمل على فضحه وإيقاف ما تبقى المقصودِ به طيّ صفحة الهوية المسيحية في سوريا والعراق ولبنان بخاصّة، واقتلاع شعوبٍ مختلفة في الديّن والمذهب من عموم المنطقة. إنّها لمعادلةصعبة في كيفية العيش على أرضٍ غريبة والقبول بمخطّط يستهدف هوية ما تبقى مِن أبناء وأهل وأقارب اللاجئين والمغتربين. فهمٍ بين فكّي كمّاشة: هل يسكتون صاغرين للمخطّط ويقبلون بالسياسة الجديدة هويةً لسلامتهم وتمتّعهم بالنعيم الجديد بديلاً عن المخاوف الترهيبية التي قاسوها والأيام البائسة التي عاشوها في ظلّ أكثر من خمسة عقود من الثورات الهمجية والحروب التي لم تأتي سوى بالمآسي والويلات والّلاإستقرار والقتل والتدمير والسلب والاغتصاب، أم يعبّرون عن رفضهم لهذه السياسة الخرقاء ويسعون جاهدين لتوجيه البلاد وسياستها إلى السكةّ الصحيحة؟ ربّما اللوبيّ الذي تمكنوا من تشكيلِه، هو بالفعل غيرُ قادرٍ لتخطّي العتبة المسموح بها. وهنا الطامة الكبرى!
بين الحقّ والظالم جولةإنّ أعمال العنفَ والقتل والتدمير والإبادة التي اتخذتها العصابات المسلحة المتشدّدة المرتزقة العالميةمنهجًا، والتي سمحت بها أمريكا، عدوّة الشعوب المستضعفة، وأوجدت لها قيادة وتنظيمًا وتمويلاً، تُعدّ وصمة عار في جبين الإنسانية والمنظمة الدولية التي لم تقرّر بعد أوانَ التخلّص من الحماقات التي ارتكبتْ وما تزال متواصلةً أمام أنظار المجتمع الدولي. ربّما تكون الإدارةالأمريكيةهي ذاتُها التي خلقتْ هذا التشكيل المسخ في المنهج والأسلوب والتعامل، تمامًا كما فعلت بصنويهالسابقين المتمثلين ب"طالبان أفغان" و"القاعدة"، بهدف معاداة روسيا ومحاربتها وكبح جماح ثورتها الحمراء على مساحات شاسعة من دول العالم ومنها أوربا الشرقية في حينها.
أليوم، يُهجَّر أبناء الأقليات الدينية والإتنية من مناطق تواجدهم التاريخية في أرض الرافدين لأسباب دينيّة عنصريّة بحتة. وهذا كلُّه يجري ضمن مخطَّطٍ ممنهج أصبح القاصي والداني يتحدّث به ويشجبُه.فالإيزيديون يُهجّرون ويُقتلون ويجوَّعون وتُغتصبُ فتياتُهم وتسبى نساؤُهم ويُبعن في سوق النخاسة بسبب دناوة وحقارة مَن يتولّى ويحمل ذلك الفكر المتشدّد الذي يعود لأكثر من خمسة عشر قرنًا خلتْ من التخلّف والجهل. والمسيحيون يُطردون من ديارهم وقراهم وبلداتهم بالرغم من تاريخيتهموجغرافيتهم وحضارتهم المتأصلة، فيما تُحرقكنائسهمويُجبرون علىتركأرض الوطن ونسيان ذكرياتهم وقطع صلة الرحم بكلّ ماضيهم ويُخيّرون بين ترك الدّين أو الجزية أو حدّ السيف. أمّا أمريكا، فقد وقفتْ أيامًا وأسابيعَ وأشهرًا، تتفرّج وتترقّب كي ترسو على قرار، تمامًا كما سبقت وفعلت إزاء أحداث مماثلة في مناطق أخرى. فقد سبق لها أن دعمتالحكومة الإخوانية،وهي من ذوات فصيلة "داعش" و"القاعدة" و"جبهة النصرة" وما تحت ظلالها جميعًا. وهذه بمجملها يُعتقد ارتباطُها إلىحدّالعظم بطريقة أو بأخرى، بأدوات الإدارة الأمريكية المختلفة. إلاّ أنّ
طبيعة الشعب المصريّ الفرعونية، قد أفشلت المخطَّط،ما حملَ هذه الإدارة للعودة لأكل مخلفات "روثها"، بعد أن ثار الشعبُ المصريّ في 25 يناير وقال كلمته الوطنية الفصل "لا للمخطّط الأمريكي-الصهيونيّ" بتقسيم البلاد وتقتيل العباد، ما خيّبَ ظنَّ الظالمين! وقد كشفت عن هذه المعلومات الخطيرة، لولب الخارجية السابقة في الإدارة الأمريكية، هيلاري كلنتون في مذكراتها.
إنّ أمريكا المكابرة ومعها الغربُ الخانع لإرادتها، لا تدرك حجم الجريمة والمخطّط الذي ترتكبُه عبر التنظيمات المتشدّدة المسلحة التي سمحت لها بالعمل وتطوير أدوات القتال وفنون أدوات الإبادة الجماعية التي تركبُها في بلدان عديدة في المنطقة والعالم. فدولة الخلافة الإسلامية المعلنة أخيرًا في العراق والشام، تحمل نوايا عدوانية للعالم كلّه ومنها أمريكا والغرب، وكلِّ مختلف مع منهج هذه التنظيمات السلفيّة المجرمة. فهي قائمة على أساسٍ دينيّ متزمّتٍ حرفيٍّ بحت، وليس للقوميّة والحضارة والأخلاق موقعٌ في قاموسها ومنهجها. إنّما منطلقُها الأساس يكمن في تكفير كلِّ مَن لا يبايعُ الخلافة، وما سوى هذه يبقى حقًا تفرضُه قوانين الغزوات القبلية أيام الجاهلية من قتلٍ وتدميرٍ وسبيٍ واغتصابٍ وما ملكتْ أيمانُهم.
حقًّا، إنْ كانت أمريكا ومعها الغرب تعدُّ الدّينَ حرّية شخصية مقدّسة لا تريد المساسَ به أو التعرّض له بحجة الديمقراطية والحريّة الشخصية التي تتذرّع بها بموجب شرعة حقوق الإنسان، إلاّ أنها بالمقابل عليها أن تدرك أن مثل هذه التنظيميات، تستغلّ هذه الثغرة وهذا التسامح من أجل تدمير العالم وشطب كلِّ مختلف عنها وزائغٍ عن فكرها المتخلّف العفن، بحسب آيديولوجيتها القاصرة. فقد تدور الدوائر ويلحقُها ما لحق بنا وبأوطاننا وأهلنا ذات يوم، وهو ليس ببعيد
!والغريب أنّها لمْ تتعظ من أحداث أيلول 2001 وما أحدثته من رعب ودمار وكسر شوكة أكبر وأقوى دولة في العالم. بل عادت وأتت بإدارةٍذات خلفيةّإسلامية متساهلة مع التشدّد ومتواطئة مع أركانه، مكرّرة ذات الخطأ مرتين. وهذا إنّ دلّ على شيء، فإنّما هو دليلٌ قاطع على مشاركة هذه الإدارة بما يجري وفق مخطّط منهجيّ لرسم خارطة جديدة، عرفنا بداياتها، لكنّنا لا نتكهّن بنتائجها، بسبب غموض المواقف وضعف التحرّكات لوأد تجاوز عمل هذه التنظيمات وعبورها المحيطات وتجوالها بكلّ حرية بعد فتح الحدود على مصاريعها.
لعمري، متى تفقه الإدارة الأمريكية المشهود لها بالتقدّم والتطوّر والحريّة والديمقراطية وهي صاحبة فكرة العولمة المدمّرة للشعوب والأمم، أنها بغبائها بدعم أشكال الإرهاب وأدواته وبمكابرتهاوادّعائها المبطَن بمحاربته على طريقتها الهوجاء وغير السليمة، هي تسير في طريق وعرة وغير سالكة، من شأنها أن تجعل الدوائر تدور عليها وعلى حلفائها ومواليها؟ وهل بإمكانها أن تدرك أنّ حضارتَها وكيانَها قد تأسسا على أخلاقيات وأفكار اليهود والمسيحيين اساسًا، وليس غيرهم؟ حتى إنّها قد أنكرت في حينها ما للسكان الأصليين من حقوق ونوازع وطموحات إنسانية وقومية.
ولكنّها ضحّت بهذه جميعًا وتركت الأخلاقيات المسيحية بخاصة لتسمح للاّأدريين والملحدين وقطاع الطرق والسرّاق وعبدة الأوثان الجديدة ومناصري الجنس والمثليّين وأصحاب الأفكار المقفلة أن تسرح وتمرح على مسرح الأحداث دون وازع، فقط من أجل تحقيق طموحاتها ومصالحها القومية، ومِن بعدها الطوفان.إنّالسياسةالخارجيةللإدارةا"لأوبامية" التي تتعمّد عدم التعرّض جدّيًا وحدّيًا لجرائم الإبادة الجماعية بحق المسيحيينوأقليات أخرى في العراق وسوريا ولبنان ومصر بالأخص، تشير إلى خللٍ اتجّاهَ هؤلاء جميعًا في المنطقة بصورة لا تقبل الشكّ، لاسيّما المكوّن المسيحيّ بالذات،الذي ينزعُبطبيعته إلى السلام والتعايش بحسب وصية المحبة التي ينتهجها ولا يؤمنُ باستخدام السلاح وسيلةً للعيش وكسب الحقوق المواطنية بحسب القانون والأعراف. لكنّهذا الأخير في الوقت ذاته، بحاجة اليوم إلى قائدّ لا يدّخرُ جهدًا بالتفكير الجدّي بالبحث عن موطئ قدمٍ سياسيّ في أرضٍ تحمي مصالحَه وكيانَه وتديمُ بقاءَه وتصون هويتَه، ولكن ليس كما يحلو للبعض بإعادة أمجاد دولة آيلةعفا عليها الزمن، بل بمنهج الشراكة السياسية المواطنية مع سائر المكوّنات وبعيدًا عن حجّة الأكثرية والأقلية.
إنّ أبناء المكوّن المسيحي، ومثلهم أقليات أخرى مقهورة و"مكفوخة" في أرض الوطن، ينتظرون اليوم نهوض قائد على غرار "ناتانياهو" و" بيريز" و"شامير" و"غولدامائير" وغيرهم من الذين أوقفوا حياتَهم لحماية الشعب اليهودي وتحقيق طموحاته، المشروعة وغير المشروعة، وصون أراضي الكيان المسخ الذي حصلوا عليه بدعم من المستعمر. وإنّي لا أجد ضيرًا، استثنائيًا، أن يظهرَ قائدٌ من صفوف رجال الكنيسة حتمًا، كما فعلَها مكاريوس، في حالأقفرتْ صفوفُ العلمانيين وتعذّرَ بروز الرأس المدبّر المسنَد على صعيد الكنيسة والشعب في آنٍ معًا، بحيث يتحرّى الاستقلالية في التوجّه والتحرّك ولا يكون أداة بأيدي أحزاب أو كتلٍ صاحبة مصالح فئوية ضيّقة، كما نحن عليه اليوم.وإنّي أعتقد، أن الزخم والتأييد الدوليّين التي تلقاها الأقليات المهمّشة والمقهورة في العراق في هذا الوقت بالذات، جديرة أن تشحذ الهمم وتنجبَ رجالاً صناديدَ يستلهمون من حرص والأقدمين ونخوتهم وتضحياتهم، ما يساعد على إكمال مشوار أولئك الجهابذة الأبطال الذي دافعوا وعاندوا وصابروا لحين نيل مبتغاهم، كما حصل في قضية بلدة "بغديدا"/ قرةقوش المعروفة التي بلغت آنذاك دوائر "الأستانة" في الدولة العثمانية.
يأتي صراخ رأس الكنيسة الجامعة الأخير، بابا الفاتيكان فرنسيس الأول،مدويًّاحينماخرج عن صمته وتوجّه إلى الضمير العالمي والمنظمة الدولية بالذات، حامية السلام والحرية والحقوق،فأتاح لها اتخاذ ما يلزم من دول العالم لوضع حدٍّ لمأساة شعوبٍ كانت بالأمس آمنة وهي اليوم مطرودة خارج أسوار مناطقها وفي العراء بعد سلب مساكنها وتدنيس كنائسها ومعابدها وسلب ممتلكاتها وسبي نسائها واغتصاب أعراضها علنًا أمام صمت المجتمع الدوليّ المتباطئ في اتخاذ ما يلزم. فلم تعد الإدانات وأصوات الاستنكار تنفع، إنّما العمل الفعليّ الحقيقيّ للحفاظ على ما تبقّى من الهويّة الدينية والإتنية للجماعة المسيحية وسائر المكوّنات الأخرى الشريكة في الوطن والمصير،وحفظ تراث الآباء والأجداد تحت خيمة وطن موحّد متعايش يحترم المواطنية وتعلو في سمائه سمات العدالة والمساواة والتآخي إلى جانب الحرّية الشخصية والفكرية والمعتقد والدّين له ولغيرهِ من المكوّنات المسالمة الأخرى. إنّ على الرؤساء الروحيّين قبل غيرهم، توبيخ القوى الكبرى وتعنيف قادة الغرب على تخلّيهم عن الأساس الدّينيّ والأخلاقيات المسيحية التي غيّبوها بغباء، في غفلة من الزمن.
ولعلَّ خيرَ مَن قام بمثل هذه المهمة حديثًا، كان قداسة البابا الأسبق، القدّيس يوحنا بولس الثاني الذي عنّفَ الغربَ لتخلّيه عن مبادئ الدّين، ولاسيّما فرنسا التي عدّها في حينها "إبنة الكنيسة المدلّلة".فهل سنشهد قريبًا جدّا، صحوة جديدة للعودة بالأخلاقيات الأصيلة إلى الدول التي تساهلت مع ما جاءت به العولمة من دمارٍ في الفكر والرؤية والأخلاق على حساب إنسانية المجتمع البشري والهدف الأسمى من خلق الله للبشر ليكونوا إخوة ينمون ويكثرون ويعيشون في مناخٍ آمنٍ من التآخي والتعايش السلميّ لمجد الله خالقهم على صورته ومثالِه؟؟؟
لويس إقليمسبغداد، في 26 آب 2014