رسالة مفتوحة الى مؤتمر الرابطة الكلدانية «
في: 28.06.2015 في 01:59 »
رسالة مفتوحة الى مؤتمر الرابطة الكلدانية
سامي المالحفي البداية أحييكم، الاخوات والاخوة المتوجهين الى المؤتمر التأسيسي للرابطة الكلدانية في عنكاوا السلام والمحبة، وأتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق في تأسيس رابطة كلدانية تساهم، في هذه المرحلة العصيبة من حياة وطننا وشعبنا، في لم شمل الكلدان وتجميع طاقاتاهم وتوحيد ارادتهم في مواجهة التحديات المصيرية الكبيرة.
الصديقات الاصدقاء الافاضل
لا يخفي عليكم ان عالمنا اليوم يشهد حراكا سريعا دراماتيكيا تتحكم به عولمة وتكثيف المصالح وتقاطع القيم. ان ما تشهده منطقتنا هو احدى تجليات هذا الحراك الجارف. فالمنطقة بأسرها مقبلة على تغييرات عميقة شاملة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا، هذه التغييرات التي بات العنف والحروب والارهاب من ادواتها الاساسية.
أذكرهذا على أمل أنكم المؤتمرين الافاضل جميعا، وأنتم تؤسسون لأنشاء رابطة عليها ان تكون رابطة جمع وتفعيل وعمل، أن تنظروا نحو الافاق، نحو ما ستفرزه هذه التغييرات وتأثيراتها علينا كشعب في اطار تأثيراتها الشاملة على الدول وشعوب المنطقة الاخرى بأسرها، وعدم التقوقع والانغلاق والتركيزعلى وقع احداث اليوم واوجاع المرحلة ورقعة علاقاتنا وتجاذباتنا الآنية فحسب.
بقدر ما يتعلق الامر بالكلدان كجزء لا يتجزأ من شعبنا /الكلدان الاشوريين السريان، وبتأسيس الرابطة أسمحوا لي أن اؤكد مايلي:
اولا:
للكلدان كل الامكانات والكفاءات التي تؤهلهم ان يكونوا قاطرة تدفع عملية توحيد كل طاقات شعبنا وتجميع قواه وتوحيد ارادته. ولكي تكون الرابطة الكلدانية في المقدمة ووقود اندفاع هذه القاطرة ورائدة في تفعيل كل قوى الكلدان بالاتجاه الصحيح، عليها ان تؤسس ل:
1. الانفتاح ونبذ التعصب واعتماد الحوار لتعزيز وترسيخ المشتركات الكثيرة والغزيرة التي هي الغالبة والاساسية في ماضي وحاضر ومستقبل شعبا بكل كنائسه وتسمياته. والمبادرة في الوقت نفسه لايجاد الحلول العملية المنطقية المنسجمة مع التطلع للمستقبل، مهما كانت الاوضاع المحيطة بنا قاسية وسوداوية، لكل الاشكالات والعقد التاريخية التي تنخر بروح وجسد شعبنا، ومنها تعدد الكنائس وأشكالية التسمية.
2. الاهتمام الجدي بالحفاظ على لغتنا السريانية (وفي المقدمة أستخدامها الحي في الطقوس الكنسية في كل مكان) وتطويرتدريسها للاجيال القادمة، وتطوير الثقافة القومية الانسانية المنفتحة على ثقافات الشعوب الشقيقة والمتفاعلة بحيوية مع المحيط والتغييرات العالمية.
ثانيا:
من المؤكد ان نجاح ولادة الرابطة الكلدانية بهذا النفس واضعة امامها هذه الاولويات، سيهيْ بيئة افضل واجواء اكثر ايجابية لعملية ضرورية ومصيرية وهي توحيد خطاب شعبنا/ الكلداني الاشوري السرياني. هذه العملية التي بذلت من اجلها جهود كثيرة ولا تزال، رغم الكثير من العوائق والمشاكل كان من ابرزها:
أ. المصالح الضيقة واصابة مؤسساتنا المختلفة وقوى شعبنا السياسية والكثير من رموزها بامراض السياسة الخبيثة والفساد وتدهور القيم التي اجتاحت وطننا والمنطقة.
ب. ارتفاع صوت التعصب والانغلاق واستهلاك الطاقات في الصراعات الثانوية ونزعة العودة الى الوراء والبقاء اسرى التاريخ والمحن وآثار التشتت.
ثالثا:
من الهام ان ندرك بعمق الترابط العضوي والمصيري بين بناء دولة المواطنة والقانون العلمانية المدنية وبين مستقبل وجودنا في الوطن او بلدان المنطقة الاخرى. أن ما يجري لنا ولاوطاننا علاقة وثيقة واضحة بخطرالتداخل الكارثي بين الدين والدولة.
ومن هذا المنطلق على الرابطة التي تسعى لترتيب البيت الكلداني وترسيخ اسس العيش المشترك والدفاع عن حقوق الكلدان ومستقبلهم، أن تؤشر في التعريف عنها نفسها ورسم هويتها وتحديد اهدافها بأنها رابطة:
غير دينية. وأنها تدعو الى فصل الدين عن الدولة. وانها تدعم بناء دولة القانون والمواطنة المتكافئة وأحترام حقوق الانسان.
رابعا:
وأخيرا لابد لي ومن خلال دراسة الكثير من التجارب والمعايشات وتحليل النتائج التي حققتها الكثيرمن المنابر والمجالس والمؤسسات الاخرى، أن اؤكد لحضراتكم بأنه من الهام جدا الحفاظ على استقلالية الرابطة التام وعدم رهنها من خلال التمويل او اي علاقة وارتباط آخر لاية جهة او طرف في السلطة ومواقع القرار والنفوذ والصراعات الدينية والقومية والطائفية.
كما ينبغي تحديد شروط واضحة وثابتة تنطبق على من يرشح نفسه لقيادة الرابطة، والتي أفهم جيدا (بانها لن تكون حزبا سياسيا بالمفهوم الكلاسيكي وليست ايضا حكومة او دولة كلدانية). فالاستقامة والنقاء والثبات والصدق ومقاومة سطوة المال الحرام والسلطة والجاه مهما كانت، باتت اليوم، وكما يعرف الجميع، خصال نادرة يفتقدها للاسف معظم من يقود البلد ومؤسساته المختلفة على كل المستويات. فحري بنا نحن ان نبدأ من هنا وان نرتقي لنعطي للاخرين مثالا وان نصبح نبراسا لنكران الذات والنزاهة والاخلاص وخدمة شعبنا ووطننا وتقديم التضحيات.
في الختام تمنياتي القلبية لكم ثانية، بالنجاح في جمع الطاقات والكفاءات وتفعيلها من اجل تحقيق آمال كل المسيحيين و شعبنا في محنتهم التاريخية الكبيرة، والمساهمة بالتعاون مع كل قوى الخير والسلام في رسم خطوط مستقبل افضل لبلدنا النازف.
سامي بهنام المالح
27/6/2015