- تاريخ الآراميين ـ السريان
معلومات لغوية عن السريانية ـ اعداد: د. سميرة يوحنا
الكتابة بالسريانية ـ اعداد: د. أزهار الاطرقجي
صلاة سريانية
وثائق:
ـ بيان صادر عن لجنة توحيد الخط السرياني
ـ تخر ج الدفعة الاولى لقسم اللغة السريانية
تاريخ الآراميين ـ السريان
منذ الألف الأول قبل الميلاد بدأت تسود منطقة الهلال الخصيب (العراق والشام) قبائل شبه بدوية ناطقة بلهجة قادمة من البادية الغربية (العراقية ـ الشامية)، اطلق عليهم تسمية (الآراميون). يعتقد أن أسم (الآراميين) هذا مشتق من (أور رمثا) أي الأرض المرتفعة، أو ربما له علاقة بتسمية (عرب) أي سكان (عربا أو غربا) وهي ذات البادية الغربية، التي تقع (غرب) الفرات ومنطقة (غروب) الشمس بالنسبة لسكان النهرين. ((لمزيد من التفاصيل حول أصل الآراميين وعلاقتهم بالعرب، راجع القسم الاول من ملف اللغة العربية في هذه الموسوعة)).
وقد ورد أول ذكر لهذه القبائل في الحوليات الآشورية – البابلية منذ المائة الرابعة عشرة ق. م بأسم (ارم ). وقد أخذ الآراميون يستقرون في منطقة الهلال الخصيب مع ضعف الدولة الآشورية في القرنين الحادي عشر والعاشر ق.م وانهيار الامبراطورية الحيثية. منذ الألف السابق للميلاد انتشروا شرقاً وغرباً وأسسوا سلسلة من الدويلات الصغيرة منها (فدان ارام) التي حظيت بمكانة بارزة في التراث العبري، كما كثر ذكرها في كتاب العهد القديم وراح كتّاب التاريخ العبري يذكرون إن أجدادهم كانوا من الآراميين وانهم عاشوا في مدينة حران (عاصمة فدان ارام) زمناً طويلاً قبل أن يستقروا في فلسطين، كذلك دولة (فدان ارام دمشق) وعاصمتها دمشق، والتي بلغت قمة نفوذها في عهد ملكها حزائيل (841 -838 ) ق.م. وتعتبر (السلالة الكلدانية / 625 إلى 539 ق.م) التي حكمت العراق سلالة آرامية. كذلك تكونت عدة دويلات آرامية في عموم الشام، من أهمها (دولة آرام دمشق). ومع انتشارهم السكاني والسياسي، كذلك انتشرت لغتهم (الآرامية) واستوعبت اللغات العراقية والشامية السابقة، ولهذا فأن اللغة الآرامية تعتبر مزيجاً من (الاكدية) العراقية، و(الكنعانية) الشامية. وهذا بالضبط الذي كررته العربية فيما بعد عندما استوعبت ألآرامية في داخلها.
التسمية السريانية
بعد ظهور المسيحية وانتشارها في العراق، أطلق على (الآراميين) تسمية جديدة هي (السريان). ويعتقد انها مشتقة من تسمية (آشور) وهي سلالة (نينوى) العراقية المعروفة. ومنها أيضاً تسمية (سوريا).
لقد أطلق العرب على السريان تسمية (النبط) أي الناس الذين (استنبطوا) الأرض واستقروا فيها، على خلاف تسمية (عرب) أي الناس الرحَّل المتنقلين. بعد الفتح العربي الإسلامي، أخذ السكان السريان يتخلون بالتدريج عن مسيحيتهم ويعتنقون الإسلام ويمتزجون بالقبائل العربية الفاتحة ويحملون أسماءها ويتبَّنون لغتها، خصوصاً أن القرابة العرقية واللغوية بين العرب والسريان لعبت دوراً أساسياً في تسهيل هذه العملية. وكانت عملية الأسلمة والتعريب تحدث أولاً في المدن والحواضر بينما بقيت معظم أرياف العراق والشام على (نبطيتها) حتى العصر العثماني. وشكلت المناطق المرتفعة وشبه الجبلية مانعاً طبيعياً أمام الإسلام والتعريب، فتحولت هذه الموانع إلى ملجأ للسريان والقبائل العربية المسيحية والشيعية والخارجية المتمردة على مراكز الخلافة في دمشق وبغداد، جبال لبنان والعلوية والدرزية وغيرها. لكن أكثر المناطق التي تمكن فيها السريان من الحفاظ على مسيحيتهم، هي منطقة (شمال النهرين - أي الجزيرة) وتشكل شمال العراق، وشمال شرق سوريا وجنوب تركيا. بسبب طبيعتها شبه الجبلية ومحاذاتها للمناطق الجبلية من كردستان وأرمينيا وطوروس (الأناضول).
حاضر السريان
رغم انتشار العربية فإن السريانية بقيت نشيطة في المشرق حتى القرن الثالث عشر. وازدهرت خصوصاً في العصر العباسي، حيث لعبت السريانية من خلال المترجمين العراقيين دوراً فعالاً في تطوير اللغة العربية. لكن شعلتها بدأت تنطفئ بعد الغزو المغولي للعراق والمشرق وسقوط بغداد، ثم قضي عليها تقريباً في الفترة العثمانية، رغم بقائها حية في بعض كنائس المشرق وكذلك في الكثير من مناطق الرافدين وبلدان الشام. وبدأت نهضة جديدة للثقافة السريانية في أواخر القرن الماضي، ومن معالمها صدور الصحف الناطقة بالسريانية والعربية، وبواكرها الأولى صحيفة (مرشد الآثوريين) وصدرت في الجزيرة عام1908 . ثم صحيفة (كوكب الشرق) عام 1910 في دياربكر لنعوم فائق. ولا زال الاهتمام بهذه اللغة ينمو ويجذب الكثير من المؤسسات الرسمية والعلمية العربية والأجنبية.
حملات التكريد
إن ضعف السريانية يعود أيضاً الى الضعف المستمر للجماعات المسيحية السريانية في شمال النهرين (الجزيرة)، في العراق وسوريا وجنوب تركيا. إن حملات تيمورلنك الشرسة (1336ــ1405 ) كانت نهاية الفصل الاول من فصول حملات الابادة التي استهدفت السريان (الكلدوآشوريين) في أقليم الجزيرة، بعد أن عاش هؤلاء في استقرار مقبول في ظل الخلافة العربية الاسلامية. ومنذ معركة جالديران (23 آب1514) التي وقعت أحداثها في تركيا الحالية حيث انتصر الاتراك على الفرس، بدأ الفصل الثاني لمعاناة السريان، إذ اعتبر العثمانيون الاكراد حلفاءهم في نزاعهم ضد الفرس لاعتبارات دينية. وكان السلطان العثماني سليم الاول ( 1512-1520 ). يفضل الاكراد على غيرهم من الاقوام في امبراطوريته الواسعة الاطراف، وقام بتوطينهم على الشريط الحدودي ما بين الدولتين الفارسية والعثمانية، أي في الشمال الشرقي للعراق الحالي وجنوب تركية. واستمرت عمليات التكريد حتى الآن مع استمرار هجرة المسيحيين الى الخارج وتركهم لمناطقهم ليحل محلها الاكراد النازحون من الجبال المحيطة.
تنوع الناطقين بالسريانية
إن الحركات السياسية المدافعة عن حقوق الجماعات السريانية تعاني من مشكلة تبدو ثانوية ولكنها في الممارسة معقدة وتثير بعض الإشكالات والحساسيات بين مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية، ونعني بهذا مشكلة التسمية الموحدة. المطلع على أدبيات هذه الحركات يكتشف مدى عمق هذه المشكلة، فالبعض يقول (السريان) والبعض الآخر يقول (آشوريون) وآخرون يقولون (آثوريون) وهناك من يقول (الكلدان)، ثم يحاول البعض الأكثر واقعية استخدام تسمية (الكلدو– آشوريون). والحقيقة أن هذه التسميات المختلفة متأتية من أسباب تاريخية أخذت شكل الانقسام الطائفي. منذ القرن الخامس الميلادي إثر مجمع أفسس المسيحي سنة 341 م انقسم سكان المشرق المسيحيون السريان إلى طائفتين:
· أتباع كنيسة الشرق (العراق) ومقرهم في (طيسفون – المدائن) أي كنيسة بابل، وسموا بالنساطرة نسبة إلى القديس نسطور السرياني.
· أتباع كنيسة الغرب (سوريا) وهم الأرثوذكس وتسمو (باليعاقبة) نسبة إلى (يعقوب البرادعي السرياني)، ومقرهم في أنطاكية وانتشر مذهبهم في عموم سوريا وكذلك في مصر حيث أصبح الكنيسة القبطية، بالإضافة إلى الكنيسة (الملكية) وكذلك الكنيسة (المارونية) قبل أن تتحول الى الكاثوليكية.
وهذه الكنائس عموماً أنتشرت كذلك بين القبائل العربية، وامتزج خلالها السريان بالعرب، ومع الزمن تبنت بمعظمها اللغة العربية في طقوسها الدينية.
ظلت المنافسة خصوصاً بين الطائفتين النسطورية واليعقوبية (على غرار السنة والشيعة في الإسلام) طيلة قرون، ثم أضيفت لها تعقيدات جديدة بعد القرن الخامس عشر مع نشاطات البعثات التبشيرية الغربية حيث تحول الكثير من النساطرة إلى (كاثوليك) وتسمو (بالكنيسة الكلدانية) وبعضهم حمل أسم (الكنيسة السريانية)، أما الذين بقوا على نسطوريتهم فأطلق عليهم (الآثوريون).
إذن فأن التسميات التاريخية القديمة حملت معناً طائفياً جعل من الصعب تجاوزها نحو تسمية موحدة بسبب العقبة الطائفية. هناك ميل قوي لدى بعض النخب والحركات السياسية لاستعمال تسمية (آشوريون)، لكن هذه التسمية تتعارض مع تسمية (كلدان وسريان). رغم هذه الفروق في التسميات والفروق بين الطوائف فإن هنالك عنصراً أساسياً يوحد كل هذه الجماعات: إنهم رغم تبنيهم للعربية في الكثير من نشاطاتهم، فإنهم جميعاً يعتبرون اللغة السريانية لغة كنسية مقدسة ويتحدثون بلهجات مختلفة بقربها وبعدها عن السريانية الفصحى. وهذا الانتماء إلى الثقافة السريانية يخلق لدى الكثير من النخب والجماعات شعوراً بالانتماء المشترك لتاريخ بلاد النهرين وسوريا، أي الانتماء لعموم بلاد المشرق وحضاراتها (السومرية - البابلية - الآشورية) والكنعانية والآرامية. خلاصة القول إن اطلاق تسمية (السريان) تبدو الأكثر معقولية رغم نواقصها. إن هؤلاء السريان بجميع تنوعات مسمياتهم يشكلون جزءاً متميزاً من الشعبين العراقي والسوري، بل يصح القول إن (السريان) هم أسلاف شعوب (منطقة المشرق) مثلما الأقباط هم أسلاف الشعب المصري، والبربر هم أسلاف شعوب المغرب، والنوبيون هم أسلاف الشعب السوداني، وكل هذه الانتماءات المتنوعة تجتمع في الانتماء إلى عالم عربي كبير وثقافة وتاريخ عربي مشترك.
نتيجة الأوضاع السياسية المعقدة وعمليات الاضطهاد القومي والديني التي تعرض لها سريان منطقة الجزيرة فإن الكثير منهم هجروا قراهم ومدنهم بحثاً عن مناطق آمنة. ويعدّون الآن في عموم بلدان المشرق بحدود المليونين.
إن معظم السريان في سوريا والعراق تمكنوا من الاندماج في الحياة الاجتماعية والسياسية في البلدين ولعبوا دوراً بارزاً في النشاطات السياسية والثقافية لهذين البلدين ووصل بعضهم إلى مراكز قيادية ومتميزة. في السنوات الأخيرة برزت بعض المراكز السياسية والثقافية والدينية الخاصة بالسريان، وخصوصاً بين الآثوريين (النساطرة) الذين تعرضوا أكثر من غيرهم للمذابح والتشريد من مناطقهم الأصلية، مثل النوادي والكنائس المتنوعة الخاصة بالطوائف السريانية المختلفة، والمنتشرة أيضاً بين الجاليات المهاجرة. وعموماً تتبع هذه الكنائس مراكزها في سوريا والعراق. كذلك الحركات السياسية المطالبة بحقوق السريان.
اللغة الآرامية ـ السريانية
الابجدية ألآرامية القديمة
مثلت اللغة الآرامية التقاء اللغة الأكدية العراقية (بلهجتيها البابلية والآشورية) مع الشامية الكنعانية. من أهم العوامل التي ساعدت على انتشارها أنها تبنت الكتابة الابجدية الكنعانية الفينيقية السهلة بدلاً من الكتابة الصورية السومرية المسمارية الصعبة. لهذا فإنها تمكنت من أن تسود (المشرق) وأصبحت لغة الثقافة الأولى، وصار جميع سكان المنطقة يتسمون بالآراميين (مثلما فعلت اللغة العربية فيما بعد بتمثلها جميع اللغات والحضارات السامية السابقة وصار جميع الناطقين بها يتسمون عرباً). لقد فرضت اللغة الآرامية ثقافتها وأبجديتها الكنعانية (الفينيقية) حتى على الإمبراطوريات الإيرانية والإغريقية التي بدأت تنبثق بعد القرن الخامس قبل الميلاد. ثم إنها كانت لغة السيد المسيح والمسيحيين الأوائل، علماً ان اللغة العبرية المحدثة تعتبر لهجة آرامية.
إن أقدم النصوص التي وصلتنا باللغة الآرامية ترقى إلى القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، وفيها يبدو التطور واضحاَ من اللغة الكنعانية إلى اللغة الآرامية. لقد دأب العلماء على تقسيم اللغة أو اللهجات الآرامية إلى فئتين كبيرتين: شرقية عراقية، وغربية شامية، وهي اختلافات ثانوية يمكن مقارنتها بالاختلاف بين اللهجتين العراقية والسورية. من المعلوم ان منطقة المشرق أي الهلال الخصيب، قد اطلق على جانبيها العراقي تسمية (الشرق) لأنه يقع في قسمها الشرقي. أما بلاد الشام فأطلق عليها تسمية (الغرب)، حيث تقع في القسم الغربي. فقيل كنيسة الشرق النسطورية وكنيسة الغرب اليعقوبية، كذلك السريانية الشرقية والسريانية الغربية... الخ. بل انتقلت هذه التسمية الى العرب، فقيل عن الفلسفة الروحانية (الاشراقية) أي فلسفة أهل العراق وتوابعه الشرقية من ايران وتركستان.
الآرامية الشرقية العراقية
ظهرت هذه اللهجة الجديدة التي تداولتها الوثائق الرسمية في مختلف المناطق الآشورية، ثم تبنتها الامبراطورية الفارسية بدورها كلغة رسمية في الدوائر الحكومية. ففي العهد الآشوري(1100-612 ق.م) تبنَّت الدولة اللغة الآرامية وأصبح المشرفون على الشؤون الادارية يتقنوها أكثر من الاكدية، لا سيما في المناطق النائية حيث استعملوا للمراسلات نموذجاَ من الآرامية المبسطة. كما إن عادة إرفاق جداول آرامية بالالواح المسمارية أخذت تزداد منذ ذلك التاريخ حتى في قلب الامبراطورية. وكانت هذه الجداول ترجمة آرامية موجزة لما تحتويه الالواح المسمارية، لاستعمال التجار بنوع أخصّ. ان الآرامية التجارية صارت أساساَ للآرامية الرسمية، إذ تبناها الشعب في مختلف أرجاء الامبراطورية، مفضلاً إياها في الاغراض الادبية على لغته الخاصة. كما نلاحظ في الالواح الأكّادية ان بعض الكتبة يسمون بـ (كتبة الآرامية). ونشاهد على تمثال (بر ركوب) في زنجرلي كاتباَ أمامه وبيده ريشة وحبر ولوح مهيّأ للكتابة بهذه الآرامية الرسمية.
وقد انتشرت الآرامية الرسمية إنتشاراً واسعاً في العهد الآشوري، وليس في الامبراطورية الآشورية فحسب (2 ملوك 18/13 -37 ) بل في الاقطار الاخرى أيضاً. فقد عثر على إناء من البرونز بالقرب من أولمبيا اليونانية تحمل إسماً محفوراً بالحروف الآرامية. ومن المحتمل أن تكون الابجدية التي أخذها اليونان عن الساميين في آسيا الصغرى من النموذج الآرامي أكثر مما هي من النموذج الفينيقي. أما في مصر فإننا نجد كتابات بالآرامية منذ عهد أسرحدون (680 –669 ق.م). وقد اشتهرت المخطوطات التي عثر عليها في أسوان المصرية (جزيرة الفيلة). كما شقت هذه اللغة طريقها الى قلب الجزيرة العربية نفسها.
واستمرت الآرامية تشغل مكانتها المرموقة في العهد البابلي الحديث (626 - 538 ق.م) وفي العهد الفارسي (538 - 330 ق.م). وقد مرت هذه اللغة بفترة عصيبة في العهد اليوناني (312 - 64 ق.م) حيث أخذت اللغة اليونانية تفرض نفوذها على العراق والشام، غير انها قاومت هذا النفوذ، وظلّت سائدة في دويلة (الحضر) النبطية (بين القرن الاول والثالث الميلادي) شمال العراق (غرب الموصل). بل كانت هذه اللغة هي لغة الثقافة للقبائل العربية الاولى في دويلة (الحيرة ـ قرب النجف) (بين القرن الثالث والسابع الميلادي).
وقد توزعت هذه الآرامية العراقية الى عدة لهجات أو لغات فرعية تختلف قليلاً عن اللغة الرسمية (الفصحى). وقد أصبح بعض هذه اللهجات مكتوباً ومستعملاً للاغراض الادبية أيضاً. وانتشرت هذه اللهجات المحلية حتى في جبال أرمينيا وزاكاروس. ويمكننا أن نميّز في هذه الآرامية الشرقية :
- الآرامية اليهودية - البابلية، وهي ظاهرة في التلمود البابلي وفي وثائق ترقى إلى ما بين القرنين الثاني والسابع للميلاد. ولم تكن هذه اللهجة موحدة، ويبدو اختلاف صيغها حتى في التلمود نفسه. أما كيفية التلفظ بها، فشأنها شأن الآرامية اليهودية - الفلسطينية، وهي تتبع الطريق المصطلحة لدى السلطات الرابينية التي كانت تتداولها.
ـ المندائية (الصابئية)، كتب المندائيون في العراق أدبهم بهذه الآرامية الشرقية. فهناك وثائق لهذه الديانة المستقلة كتبت بلغة تطورت محلياً من الآرامية القديمة، قد تكون صيغة صافية من الآرامية الشرقية غير المتأثرة بالعبرانية، كاللهجة اليهودية، أوباليونانية، كما هي الحال مع السريانية. ولكن الوثائق التي وصلتنا بهذه اللهجة ترقى جميعها إلى حقبة متأخرة، وقد طرأ عليها تغيير لفظي كبير وتأثرت كثيراً باللغة العربية.
الآرامية الغربية الشامية
انتشرت الآرامية في بلدان الشام مع انتشار القبائل الآرامية الخارجة من البادية العراقية، الشامية وتكوين الدويلات الآرامية المختلفة. بعد سقوط السامرة ( 721ق.م)، انتشرت الآرامية فيها بواسطة الجاليات التي أحلَّها الآشوريون فيها. ولما عاد المسبيون من بابل الى فلسطين، كانت الآرامية وليست العبرية هي اللغة التي يفهمها الجميع. فقد كتب خصوم المنفيين العائدين الى ملك الفرس بالآرامية (عزرا 4/7 ). واستلموا جوابه بالآرامية أيضاً.
بالرغم من سعة انتشار اليونانية منذ القرن الرابع ق.م ، ظلت الآرامية مهيمنة ومستخدمة في دويلة (البتراء 400 ق.م وحتى 106 م) في الاردن، كذلك دويلة (تدمر ܬܕܡܪܬܐ ، (تدمرتا) ومعناها المعجزة، (بين القرن الاول والثالث الميلادي) في سوريا. وخصوصاً بعد انتشار المسيحية حيث أصبحت لغة الكنائس وحملت تسمية (اللغة السريانية). بل ان ولم تطردها إلاّ اللغة العربية بعد الفتح الاسلامي. ولكنها لم تنطفىء تماماً لأنها لا تزال محكية في بعض قرى سوريا، ولو بصيغة متغيرة كثيراً. ويمكننا أن نميز أربع لهجات سادت الآرامية الغربية.
ـ الآرامية اليهودية - الفلسطينية، ظهرت هذه اللهجة بالكلمات الآرامية والتعابير الواردة في يونانية العهد الجديد وقد بقيت هذه العبارات بصيغتها الآرامية في العهد الجديد (متى27: 46، مرقس3 : 17،5: 41،7: 34، 36:14 ،15: 34، أعمال الرسل9 : 36،1: 19، 1 كور16 : 22، روم 8 :15 ، غلاطية4 :6). وكانت آرامية الجليل هي اللهجة التي نطق بها المسيح (ع) ورسله وهي تختلف اختلافاً واضحاً عن لهجة الجنوب السائدة آنذاك في أورشليم وما حولها (متى26 :73 ). وقد كتب التلمود الفلسطيني وأقدم المداريش بهذه اللهجة الجليلية نفسها. وبهذه اللهجة أيضاً جاء ترجوم (يوناثان) المنحول والترجومات الاورشليمية ونتف من الترجوم الفلسطيني بنوع خاص. أما طريقة النطق بهذه اللهجة فليست أكيدة رغم ما تقوله القراءات الرابينية.
ـ الآرامية السامرية، إن السامريين ترجيحاً للتوراة بلهجتهم الخاصة التي تقرب كثيراً من اللهجة الجليلية. وقد كتبوا بها أيضاً قطعاً طقسية وأناشيد وقصائد. أما الابجدية الغربية التي كتب بها السامريون آراميتهم فهي تطور محلي للخط الكنعاني القديم. وقد زالت هذه اللهجة بعد الغزو الاسلامي وحلت العربية محلّها.
ـ آرامية فلسطين المسيحية، استمر المسيحيون الاولون في فلسطين دون شك يستعملون اللهجة المحلية فيما بينهم، وأصبحت اليونانية اللغة الرسمية للديانة الجديدة وبها كتب العهد الجديد ما خلا انجيل متى الآرامي الذي فقد نصه الاصلي وبقيت ترجمته اليونانية. وشعرت في سوريا وفلسطين الجماعات المسيحية التي انتحت جانب البيزنطيين بحاجة الى نصوص دينية بلهجتهم الخاصة، فقامت بترجمات معظمها من اليونانية لكلا العهدين ولعدة رتب طقسية، وتدعى هذه اللهجة بالاجماع (آرامية فلسطين المسيحية) التي كانت مستعملة كذلك لدى مسيحيي مصر الناطقين بالآرامية.
عالمية الخط الآرامي
ان الخط الكنعاني (الفينيقي) الذي طوره الآراميون أصبح مصدراً لمعظم الكتابات الحالية. فانتشرت احدى صيغه في آسيا الصغرى ومنها انتقلت الى بلاد اليونان حيث أعطت الابجدية اليونانية التي أصبحت بدورها مصدر اللاتينية الغوطية والابجدية القورلية المستعملة في اوربا والكتابات القبطية في مصر. وهناك صيغة أخرى انبثقت منها الكتابة البهلوية في ايران الوسطى ومن خلالها الافستية والسغدية والابجدية المانوية التي منها أتت الكتابات الويغورية والمغولية والمانشؤية والكالموكية واليورياتية. وأعطت صيغة أخرى منها الكتابات الخروشتية والبرهمانية ومن خلالها الكتابات التيبتية وكتابات مستعملة في الهند والجنوب الشرقي من آسيا واندونيسيا. وإحدى صيغها الاخرى كانت مصدراً للكتابة الارمنية التي منها جاءت الكتابات الجيورجية والقفقاسية. وعن إحدى صيغها نتجت أيضاً الكتابة العربية المربعة والخطين التدمري والنبطي، ومن هذا الاخير جاء الخط العربي بأشكاله العديدة في الفارسية والتركية والاوردية والمالوية. وقد تفرعت الكتابة الماندية الغربية أيضاً من احدى صيغ الكتابة الآرامية.
التسمية السريانية
بعد القرن الأول الميلادي تحولت منطقة الرها ونصيبين في شمال الرافدين (حالياً جنوب تركيا) إلى مركز ثقافي وروحي لنشر المسيحية. يبدو أن لهجة هذه المنطقة الآرامية تمكنت من فرض نفسها على اللغة الأم (مثلما تمكنت فيما بعد لهجة قريش أن تصبح هي اللغة العربية الفصحى بفضل القرآن والإسلام). إذن تمكنت لهجة الرها ونصيبين هذه من فرض نفسها وصارت تعرف بـ (اللغة السريانية). يعتقد إن هذه التسمية اشتقت من (آشوريا) نسبة إلى الدولة الآشورية التي كانت سائدة سابقاً في شمال النهرين. وعندما أتى الإغريق أطلقوا على هذه اللغة تسمية (سريانيا) وكذلك أطلقوا على جميع منطقة المشرق تسمية (سوريا).
إن هذه اللغة السريانية قد حلت محل الآرامية وصارت اللغة الفصحى لجميع الكنائس المسيحية والمانوية البابلية في جميع منطقة المشرق من خليج البصرة حتى سيناء. لا بدّ ان هذه اللهجة التي أصبحت اللهجة المسيحية للآرامية الشرقية، كانت مستعملة كلغة أدبية قبل العهد المسيحي. إلاّ أن النصوص القليلة الباقية والعائدة الى القرن الاول الميلادي لا تتيح لنا البتّ في هذا الامر. أما في منطقة الرها الآرامية، فقد حلّت فيها مدرسة مسيحية محل المركز الوثني وتطورت الآرامية الشرقية فيها الى لغة أدبية مزدهرة ارتفع شأنها عالياً لا سيما بعد أن اتخذتها المسيحية لغة الدين والآداب لها. وفي القرن الخامس عندما ثارت الجدالات العقائدية في الشرق، استفادت اللغة من ذلك فائدة عظمى، إذ راحت كل فئة تعمل على صقلها واغناء مفرداتها وضبطها لتكون قادرة على التعبير عن حاجات الناس كلها، اللاهوتية والفلسفية والعلمية والطبية والفلكية واليومية. وكان للانعزال الذي سببته هذه الجدالات أثره العميق أيضاً في كلتا الفئتين الشرقية والغربية وفي تطور اللغة فيها، إذ أخذت الاختلافات اللفظية والكتابية تبرز واضحة منذ نهاية القرن السادس الميلادي. وهكذا انقسمت اللغة الآرامية من حيث اللفظ والخط الى (شرقية عراقية) و(غربية شامية)، وهذه التسمية قديمة حيث قسمت منطقة الهلال الخصيب الى: شرقية حيث يشكل العراق قسمها الشرقي، ثم غربية أي بلاد الشام التي تشكل قسمها الغربي.
الانتشار العالمي للسريانية
بما إن هذه اللغة صارت لغة الكتب المقدسة والكنائس المسيحية في عموم المشرق فأنها راحت تنتشر مع انتشار المبشرين المسيحيين العراقيين والشاميين في أنحاء العالم. فقد أصبحت لغة القبائل العربية التي اعتنقت المسيحية واستقرت في (الحيرة - أي الحارة) قرب الكوفة وامتزجت بالسكان الاصليين الناطقين بالآرامية، كذلك في الحضر وبصرى وتدمر، ثم إنها كانت لغة كنيسة نجران في جنوب الجزيرة العربية، وكذلك انتشرت في منطقة الخليج المعروفة بـ (البحرين) و(قطرايا) أي قطر الحالية. وتمكنت هذه اللغة أن تصبح لغة الثقافة الأولى في الأمبراطورية الإيرانية الساسانية ومنحت أبجديتها إلى اللغة البهلوية الإيرانية.
ثم انتشرت السريانية مع المسيحية النسطورية والمانوية البابلية في الكثير من مناطق آسيا حتى حدود الصين، ولازالت حتى الآن بقايا الطائفة السريانية النسطورية في الهند، ولازال مسيحيي الصين محتفظين بوثائقهم الدينية السريانية. لقد اشتق التركمان كتابتهم الأولى (الأغورية) من السريانية بفضل المبشرين المسيحيين والمانويين. ويعتقد أن السبب الأول لتعلق القبائل التركمانية و(المغولية) بالقدوم إلى منطقة المشرق وأرض النهرين يرجع إلى علاقتهم القديمة وتأثرهم بالثقافة السريانية (النسطورية والمانوية)، وهذا أيضاً يفسر سهولة انتشار الإسلام فيما بعد بين تلك الشعوب.
الثقافة السريانية والثقافة العربية
إن تأثير السريانية على العربية لغة وحضارة، هو أمر غني عن التعريف. يكفي القول أن لغة العرب وثقافتهم ماهي بالحقيقة إلاّ شكل جديد للغة والثقافة السريانية، مثلما كانت السريانية شكلاً جديداً للغة والثقافة الآرامية السامية. منذ القدم وقبل الفتح العربي الإسلامي كانت الآرامية ثم السريانية تضخ بمعارفها في القبائل العربية من خلال التجارة والامتزاج العرقي والحضاري بين العرب والسريان. أما بعد الفتح العربي لمنطقة المشرق، فإن الثقافة العربية بدأت تتخذ طابعها الحضاري العربي الإسلامي المعروف بفضل اعتناق الأغلبية الساحقة من السريان الإسلام وتبنيهم للعروبة، وبالتالي ضخَّهم في العربية جميع ماورثوه من حضارات أسلافهم السومريين والبابليين والآشوريين والفينيقيين والآراميين. حتى السريان الذين بقوا على المسيحية والصابئية والمانوية لعبوا دوراً كبيراً في نقل علوم الأسلاف وترجمة علوم الإغريق إلى العربية. من السريانية (النبطية) أيضاً اشتق الخط العربي وكذلك قواعد النحو العربي.
(طالع الموضوع الخاص بدور المترجمين السريان في الثقافة العربية، الموجود في ملف اللغة العربية من هذه الموسوعة)
حاضر السريانية
أما الضربة الكبيرة التي أصابت السريانية فحدثت بعد سقوط بغداد ونهاية العباسية العراقية، ودخول العراق في الحقبة المظلمة. لكن السريانية بقيت كلغة طقسية في الكنائس السريانية الشرقية والغربية في المشرق العراقي الشامي وفي عموم العالم. ونصب السريان أول مطبعة لهم بالحروف السريانية في لبنان سنة 1610 حيث طبع كتاب (المزامير) في حقلين متقابلين أحدهما في اللغة العربية بحروف كرشونية (حروف عربية وبلغة سريانية) والآخر باللغة السريانية.
مع الزمن برزت لغة سريانية حديثة بين سريان العراق وفي أرومية (ايران) وجبال طور عبدين (تركيا)، هي (السوادية) أو (السورث)، وهي في الاساس نوع من اللهجة السريانية المحكية، ولم يتخلَّ عنها أصحابها الذين نزحوا الى أمريكا أو اوربا أو غيرهما من الاقطار البعيدة. إلاّ أنه قد طرأ على هذه اللغة (السورث) على غرار السريانية الغربية الباقية في الشام الى الآن، تغيير كبير في اللفظ وتأثرت بالظروف وباللغات المجاورة كالعربية والتركية والفارسية والكردية وأخذ المتحدثون بها يستعملونها للاغراض الادبية أيضاً منذ القرن السابع عشر، تحت تأثير المرسلين الغربيين، فينشرون بها صحفهم ومجلاتهم وكتبهم، فسادت في هذا المضمار اللهجة الاورمية. أما السريانية الغربية فلا زالت مستعملة في ثلاث قرى واقعة في الشمال الشرقي من دمشق وهي: معلولا وبخعا وجبعدين، وقد عانت تغييراً كبيراً وتأثرت الى حد بعيد في نحوها وألفاظها باللغات التي سادت تلك المنطقة، ولكنها تعتبر بقية حية للآرامية الغربية.
بعد استقلال العراق سمح بتدريس السريانية بالمدارس الأهلية التي تديرها الكنيسة وأستمر الأمر حتى عام 1968 ، وفي عام 1970 وافقت الحكومة العراقية على إقامة مجمع علمي للغة السريانية صنوا لمجمع اللغة العربية في بغداد . واستمر المجمع ما يقرب من عشر سنوات ثم أدمج في جسم المجمع العلمي العراقي وأمسى قسماً من أقسام المجمع الخمسة بأسم دائرة اللغة السريانية. وفي عام 1972 صدر قانون يعطي حقوقاً للناطقين بالسريانية. وفي عام 1973 أقيم مهرجان أو بالأحرى مؤتمراً عالمياً لمرور (1600 سنة) على وفاة العلامة الفقيه والشاعر الكبير (مار أفرام) السرياني ومرور (800 سنة) على ارتحال الحكيم الطبيب (حنين بن أسحق العبادي) الذي ألَّف في الطب والكحالة أكثر من (30) كتاباً باللغتين السريانية والعربية كما ترجم أكثر من (50) كتاباً ومقالة عن السريانية واليونانية. وأصدر المجمع عام 1974 مجلداً يضم معظم البحوث والكلمات باللغات العربية والسريانية والفرنسية والانكليزية. ومنذ عام 1991 تدرس السريانية في المراحل الثلاث الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في منطقة كردستان. وقد ترجمت كثير من الكتب العلمية المنهجية من العربية الى السريانية وجرى تدريسها بسهولة ويسر. وفي عام 2004 افتتح قسم لدراسة اللغة السريانية في جامعة بغداد. كذلك في كلية بابل لللاهوت التي تأسست عام 1995 تدرس السريانية الشرقية (السورث) وتاريخها مع المواضيع الدينية. علماً بأن السريانية تسمى بالإنكليزية Syriac وبالفرنسية Syriaque .
ميراث المؤلفات السريانية
يذكر مؤلف (تاريخ اللغات الساميّة) إن بعض الفوارق اللغوية هي من صنع أحبار الشيعتين النسطورية واليعقوبية، وقد اختُرعت لأغراض سياسيّة ودينيّة أكثر مما هي لغوية، وقد لخّص المؤلفات السريانية على النمط الآتي (ص149):
أ- مؤلفات تحتوي تراجم وتفاسير في كتب التوراة والأناجيل لكثيرٍ من فحول القسيسين والعلماء.
ب- مؤلفات تحتوي على مجادلات بين أساطين الطائفة النسطورية وبين قادة الفكر من أصحاب المذهب اليعقوبي. وبسبب الخلاف بين هذين المذهبين كثر التأليف، وكان هذا الخلاف في بادئ أمره سياسياً أكثر منه دينياً.
ج- مؤلفات تحتوي على شرائع وقوانين مستمدة من التوراة والانجيل والحياة القومية، مع طائفة من القصائد الدينيَّة كان يُترنّم بها في الكنائس.
د- مؤلفات في تاريخ الكنيسة السريانية وأبطالها، ومن هذا النوع مصنفات يُظن إنها لا تزال مدفونة في الأديرة والصوامع لم تقع عليها أعين الباحثين.
هـ- مؤلفات في الفلسفة والطب والعلوم الطبيعيّة والفلك والحساب والكيمياء والجغرافية، ويضاف هذا النوع الى المؤلفات التي نُقلت من اليونانية الى السريانية... ممّا نُقل من بعد الى العربيَّة.
المصادر
ـ كتابنا (جدل الهويات) / المؤسسة العربية / بيروت 2001
ـ تاريخ اللغات السامية أ ــ ولفنسون
ـ التاريخ القديم للشعب الاسرائيلي / توماس طومسن .
ـ آرام دمشق واسرائيل/ فراس السواح / دار علاء الدين / دمشق 1995 .
la Mesopotamie/Georges ROUX/P 136-138/Paris 1985) ـ
ـ تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين / فيليب حتي / دار الثقافة / بيروت 1958
- البحث عن نينوى/ هنري لايارد / دار سركون / السويد1994 .
- ثقافة السريان/ نينا بيغو ليفسكايا / دار الحصاد / دمشق1990 .
- تاريخ نصارى العراق / روفائيل اسحق / الشرقية / ديترويت1989 .
- السريانية / العربية / سمير عبده / دار علاء الدين / دمشق2000 .
ـ البير أبونا / أدب اللغة الارامية / بيروت 1970
- تاريخ الكنيسة الشرقية / البير أبونا / دار المشرق / بيروت1993 .
- تاريخ الادب السرياني / روبنس دوفال / بغداد 1992.
- مجلة دراسات اشتراكية / عدد خاص بالسريان / دمشق1990 .
ـ منير تقي الدين/ اللغة الآراميّة، لهجاتها وتاريخها/ ملحق النهار الاسبوعي/14/7/2008
ـ عبدالوهاب محمد الجبوري/ صفحات من تاريخ الاقوام واللغات العاربة / موقع جمعية الترجمة العربية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ