خارطة طريق مسيحيه - ضروره مرحليه «
في: 30.11.2015في 05:51 »
ما بعد داعش: خارطة طريق مسيحيه - ضروره مرحليه
عند متابعة مجريات الامور على الساحه السياسيه في العراق, وبعد قراءه تحليليه مبسطه لواقع ومستقبل تنظيم داعش كوباء العصر, الذي حاله حال مختلف انواع الاوبئه سواء السياسيه او الاقتصاديه او الصحيه, لهم بدايه ولهم نهايه, ولكن تبقى الحياة وقوانين امنا الطبيعه تفرض ارادتها لاستمرارية الحياة - وكما ان مشيئة الله هي ليست لفناء بني الانسان كما اوضح الله للنبي يونان حين اغتم لان الله لم يعاقب اهل نينوى.
وداعش, كغيره من الاوبئه يتلفون ويدمرون بأيام قلائل ويسببون خراب كبير ولكن فتره المكافحه والعلاج والنقاهه تحتاج الى الكثير من الوقت بل الى الكثير من العمل والجهد المضني.
ففي الوقت الذي اطلع ويطلع الجميع على الاحداث التي ترافق عوده السكان الى المناطق المستعاده من داعش وما يرافق هذه العمليه من سلبيات. وبغية ان لا تتكرر هذه الامور مع عودة ابناء شعبنا بعد التخلص من هذا الوباء. سوف نذكر مثالا هنا في ما يخص موضوع العوده الى الاراضي المحرره ومع علمنا بانه لايمكن ان ينطبق هذا المثال 100% ولكن يتشابه من ناحيه المبدأ:
اجتاح الجيش العراقي دولة الكويت عام ١٩٩٠ خلال ٢٤ ساعه وهرب امامه شعب دوله باكملها, ودون الدخول في الاسباب وغيرها, فقد اتلف الجيش عند دخوله ما شاتلف وسلب وغنم ما وصلت اليه يده وعاث في الارض خرابا كبيرا (حسب ما رواه افرد من الجيش نفسه). ولكن ذلك لم يدم طويلا. فيومها تدخلت دول كبرى وصغرى لطرد الجيش العراقي كما تحالفت هذا اليوم لطرد داعش. وهذا هو احد الاسباب التي تجعلنا نتيقن ان داعش في طريق لحده وان اهلنا عائدون الى ديارهم لا محال (ببركة الرب). ففي الوقت الذي كان التحالف الدولي يدرس ويخطط وينفذ عمليه طرد الجيش العراقي كان هنالك تحالف اخر يدرس ويخطط لعمليه عودة الشعب الى ارضه وكيفيه تحقيق ذلك مع مراعاة الامور الاقتصاديه والثقافيه والاجتماعيه والنفسيه في مرحلة الرجوع واليناء لاعاده الشعب الى ما كان عليه قبل الاجتياح بل وبحال افضل وهذا ما حصل وتحقق فعلا على اثر جهود كبيره من قبل مفكري الشعب الكويتي وسياسييهم ومساعدين ومستشارين من دول التحالف والشعوب الصديقه والمحبة
عوده اهلنا بعد التخلص من داعش:
دعونا نتصور اهلنا حاملين حقائبهم وعائدين الى ديارهم وكأننا في موقع مخرج فيلم سينمائي, نأخذ لحظة تأمل عميقه قبل بدأ اي خطوه عمليه على ارض الواقع ونفكر في جميع الامور التي سوف تصاحب موضوع العوده وثم نقرر مالذي نراه صحيحا ونتمناه لاهلنا بالمقارنه مع ما سمعنا قد حدث لمواطني المدن التي تم تحريرها عند عودتهم.
لكي يعود اهلنا - بعز وشموخ, وهذا ما يستحقونه بعد هذه التجربه المريره- علينا او على احدنا او جهه معينه من شعبنا ان تضع خارطه طريق تشتمل على كافة الامور التي يجب ان تؤخذ في الحسبان ولا تتوقف فقط عند مسأله اعمار البنيه التحتيه لمدننا وقرانا والامور الاقتصاديه والتجاريه والثقافيه, بل الاهم , الامور الاجتماعيه والنفسيه والمعنويه. وسيكون من اكبر العوامل التي يجب مراعاتها التأثيرات النفسيه للعائدين من حيث فقدان قسم من الاهل والاقرباء والاصدقاء الذين هاجروا الى بلاد الاغتراب او ينتظروون, او الذين تذكرهم الله واصبحوا في حضرة الرحمن. هذا من ناحيه, ومن ناحيه اخرى وعلى قدر كبير من الاهميه هي عمليه اعاده ربط او قطع خيوط العلاقه مع الشعوب الاخرى في مناطق تواجد شعبنا سواء ممن بقوا تحت سلطه داعش او الذين هاجروا ايضا ويرومون العوده. وان تضع هذه الخارطه الاولويات والتوقيتات حيث مثلا ان تكون التهيئه التربويه من الامور التي قد يفترض ان يتم البدء بها منذ الان
ان هذه الامور لهي بحاجه الى دراسه وتخطيط وعمل ولفتره زمنيه غير قصيره وضمن مراحل ولا تقتصر على ما سوف نذكره هنا وانما هذه بعض من امور كثيره يجب دراستها واعتبارها عند وضع خارطه الطريق المطلوبه:
- الدراسه: ومن ضمنها تصور حال المدن على ضوء ما ترد من اخبار وما سوف يكون عليه الحال بعد التحرير وما سوف تتلفه دخول الجيوش وقوات تطهير المناطق وتنظيفها وما ترافق هذه العمليات من سلبيات من الصعوبه السيطره عليها وايضا على ضوء مقارنات مع ما حدث في المناطق التي اعيدت من تحت سلطه داعش وهذا يتطلب فريق عمل من قبل اناس ذو خبره تغلب عليها المميزات العسكريه. وعلى ضوء ما يأتون به يتم تقرير تواقيت واليات العوده بحيث ان يكون سلسا وسلميا حيث اننا نتعامل مع شعب متعب, متعطش, ومتسوق للعوده الى دياره بحنين الطفل لأمه.
- الحاله النفسيه: كما اسلفنا, اننا نتتحدث عن انسان متعب ومتتشوق للعوده تتحكم في قراره المشاعر بدلا من العقل, مضطرب المشاعر تتداخل فيه احساس الراحه لرؤية داره ومشاعر الاحباط لرؤيه الدمار وغياب جاره واقربائه واصدقاءه, مشاعر الانتقام لمن بقوا مع داعش وكل ما يمكنه ان يلقي اللوم كسبب لما جرى عليه وذكريات الالم من عمليه التهجير وايام الغربه والاوقات المؤلمه والعوز وغيرها من ما مر بهم ووقع الاخبار والاشاعات التي كانوا يسمعونها اثناء فترة التهجير. هذه بحد ذاتها من اهم الامور التي يجب العمل لاعمارها واصلاحها وتوجيهها والتي تتطلب استشارات من ذوي الاختصاص واكاديميين وباحثين لتقديم المشوره والتحدث عن وسائل ايصالها الى الافراد والجماعات.
- البحث عن مصادر التمويل لاعادة اعمار البنى التحتيه (نعلم ان هذا الموضوع قد يجاريه نوع من الريبه بسبب انتشار ظاهرة الفساد في المجتمع العراقي ولكن يجب ان لايكون الحال هكذا لدى ابناء شعبنا) وهذا يجب ان لا يتوقف على الحكومه العراقيه بل لا يمكن الاعتماد على الحكومه العراقيه اساسا -وخصوصا عند التحدث عن تمويل مشاريع المسيحيين- ويجب فتح قنوات الحوار حول هذا الموضوع مع المنظمات الانسانيه والدول المتعاطفه. اما ما يخص اخوتنا في الخارج فهم ليسوا بحاجه الى ارسال بطاقات دعوه لانهم كلهم يشتركون مع الداخل بنفس المشاعر ويعرفون واجباتهم والتزاماتهم .
- بدء التحاور مع الموسسات الثقافيه لدراسة الواقع الثقافي الحالي وكيف يمكن برمجته لما يخدم مرحلة التهيئه ومرحله العوده في جميع الجوانب الثقافيه والتربويه
من عليه وماذا.....
بالتأكيد ان مسؤوليه عمل خارطه طريق متكامله لهذا المشروع المهم لا تقع على عاتق شخص واحد (وان يكن غير مستحيلا على البعض من باحثينا الموقرين) ولكن في الحقيقه, تقع على كاهل جهه او فريق عمل مكون من الجهات المتمكنه والعامله على الساحه السياسيه, وان يكن فرضيا ان هذا من ضمن واجباتهم.
نحن بحاجه الى تحضيرات عمليه مدروسه لكل ما يخص عوده ابناء شعبنا سالمين الى ديارهم وليس فقد تحضير عساكر لمسك الارض لان مثل هكذا عساكر قد تكون مستقبلا اسباب اقتتال على مناطق نفوذ كونها تتبع اوامر من مموليها. ان قيام بعض من احزابنا بتشكيل مجموعات عسكريه على ان تكون جاهزه لمسك الارض فهذا مجرد مزايدات سياسيه الغايه منها ضمان مكاسب سياسيه مستقبليه للتغطيه على انتكاسات سابقه من ناحيه ومن الناحيه الاخرى للحصول على مكاسب ماديه حيث كل ما يتطلب هو الاستجداء المادي من الحكومات (المركزيه والاقليم) باسم قوات مسيحيه.
كخلاصه:
ومما تقدم, ولأننا لا نريد ان يعود اهلنا مصاحبين بالمصائب كالتي رافقت عوده الاخرين, يجب علينا في المرحله الحاليه وضع خارطة طريق واضحه المعالم مقبوله من العموم وفرض الالتزام بمضامينها من قبل جميع الاطراف العامله والمتنفذه ثم البدأ بتشكيل فرق العمل التنفيذيه وكل ضمن اختصاصاته.
لنضع في الحسبان ان نجاح هكذا مشاركات قد تكون سببا لتقليص البرود السياسي بين مؤوسسات شعبنا وخلق تقارب حيوي بين الجميع.
وكما نحن متطوعين لتقديم ما في استطاعتنا هنالك الكثيرين مثلنا بل من لهم امكانات علميه وادراكيه وخبره اكثر منا مستعدين للعمل والمشاركه في هكذا مشروع مبارك.
نذار عناي