الحكم الذاتي والمنطقة الامنة «
في: 11:58 23/08/2008 »
في الوقت الذي يعمل فيه العراق والجوار الاقليمي ودول التحالف والمجتمع الدولي لايجاد مخرج سياسي للمشاكل الامنية في العراق، فانه، بعكس ذلك، يسعى "بعض" الساسة الاشوريين للمطالبة بمخارج وحلول امنية لمشاكل ومطالب شعبنا السياسية!!.. فماذا نرتجي من بيدر هؤلاء!!
مشكلة هذا البعض انه يراهن في مواقفه تارة على استغباء المقابل من ابناء شعبه، افرادا واحزابا ومؤسسات (كما سنرى شواهد في هذا المقال وفي مقالات لاحقة)، وتارة يراهن على ان شعبه مصاب بفقدان الذاكرة. بالامس حق تقرير المصير مطلب مشروع للاخرين واليوم الحكم الذاتي لشعبه مطلب عنصري!!، بالامس يدعم الفدرالية مبدا يحمي العراق ويعزز وطنية العراقيين واليوم يرفض الحكم الذاتي لشعبه ويعتبره مطلبا ليس وطنيا!!، وهكذا في امثلة وشواهد كثيرة واحدها هو موضوع مقالنا هذا، المنطقة الامنة.
فيوم كانت العملية السياسية في العراق ما زالت لم تتبلور ملامحها واطرها، ويوم كان العراق ما يزال يتعامل امنيا مع مشاكله وواقعه، ويوم كانت هذه التعاملات الامنية تؤسس لواقع حال على الارض يتطور لوقائع سياسية لاحقة، ويوم كانت الامور تتجه لمنطقة امنة لشعبنا تتطور لاحقا وتنضج مع العملية السياسية لتصبح اطارا سياسيا لحقوق شعبنا اطلق السيد يوناذم كنا ومن موقع مسؤوليته السياسية موقفه الرافض للمنطقة الامنة. الرابط ادناه يقدم وبشكل مادي لا غبار عليه هذا الموقف:
http://www.elaph.com/Politics/2004/10/17001.htm?sectionarchive=Politics(شخصيا احتفظ بهذه المواقف في الارشيف المتواضع لحاسوبي، ولكني اشكر موقع (ايلاف) انه ما زال يحتفظ به على الانترنت وبذلك يكون حماني من مرافعة محامي دفاع السيد يوناذم واتهامه لي باختلاق التهم واصدار الاحكام ، خاصة وان السيد المحامي له رصيد لا يحسد عليه من تقويل الاخرين ما لم يقولوه، واصراره على ذلك رغم الشواهد بالصوت والصورة.)
ولكن السيد يوناذم يعود ومعه حليفه، المنظمة الاثورية الديمقراطية، للمطالبة بالمنطقة الامنة بعد ان تجاوزها الزمن، وبعد ان بات الجميع (الا السيد يوناذم وحليفه) يبحث عن حلول سياسية للمشاكل الامنية وليس العكس.
صحيح ان مطلب المنطقة الامنة انتحر ورفع من طاولة النقاش، وهذا كان امرا معروفا لمن يمتلك القدرة على القراءة السياسية السليمة، ولكننا ارتاينا نقاشه لتيقننا ان الداعين اليه ليسوا بالجهالة بحيث لا يدركوا ان مطلبهم لم يكن ليتحقق وبانه خارج سياقات الواقع العراقي والاداء السياسي والامني للحكومة العراقية وقوات التحالف على حد سواء. وبذلك فمن حقنا ان نتساءل عن الاسباب الحقيقية للمطالبة به، فهنا ايضا، كما في موضوعة الحكم الذاتي، فان الذرائع المعلنة شيئ والاسباب الحقيقية شيئ اخر.
بديهي نحن هنا لا نناقش مطلب تعزيز القدرات العسكرية والامنية والاستخبارية ليس في سهل نينوى فقط بل في كل العراق.. كما لا نناقش الدعوة الى تطوع ابناء شعبنا في قوات الجيش والشرطة العراقية وتكليف هذه الوحدات بتولي المهام الامنية في مدن وقصبات شعبنا فهذا لا غبار عليه شريطة ان يتم بصورة مهنية وحرفية بعيدا عن خلق مليشيات حزبية بملابس نظامية (سناتي على الامر في سياق الموضوع).
ان ما يثير الريبة هو اصرار بعض ساستنا على المطالبة الخطأ في الزمان الخطأ وبالمقاربات الخطأ.فمن حيث المطالبة، نقول: لماذا تتم الدعوة الى منطقة امنة هي في افضل احوالها معالجة امنية مرحلية في حين ان هناك دعوة اشمل وانضج هي الحكم الذاتي الذي يعالج بين ما يعالجه القدرات والاجهزة والاوضاع الامنية في منطقة الحكم الذاتي؟
ومن حيث التوقيت، نقول: العراق وكل الجوار الاقليمي والمجتمع الدولي متفق على ان المعالجات السليمة للوضع العراقي هي المعالجات السياسية لا الامنية.. فالحلول السياسية تعالج المشاكل الامنية، وليست الحلول الامنية تعالج المشاكل السياسية.. فلماذا لنا فقط يصر بعضنا على اقصاء شعبنا من طاولة المعالجات السياسية ووضعه حصرا في دائرة المعالجات الامنية؟
ومن حيث المقاربات الخطأ: يصر هذا البعض في تسويقه للمنطقة الامنة على مقاربتها باعلان المنطقة الامنة في كردستان العراق عام 1991، بل ويزيد ان نتائج اعلان المنطقة الامنة لشعبنا ستقود الى ذات النتائج السياسية التي تحققت لاقليم كردستان. وهي مقاربة اقل ما يقال عنها انها ساذجة.
فاولا، في عام 1991 كان هناك عدة ملايين من البشر حشروا في شريط حدودي ضيق مع تركيا وايران ولم يكن لهم اية منطقة امنة يتوجهون اليها في العراق، وبالتاكيد لم يكن ممكنا لدول الجوار ان تقبل دخولهم واسكانهم لاية فترة، بكل ما يعنيه هذا من نتائج انسانية وسياسية.
في حين ان واقع شعبنا اليوم في العراق يقول ان هناك اكثر من منطقة وخيار له بالمعايير الامنية.. فاقليم كردستان العراق هو منطقة امنة باعتراف الجميع، بل ويشهد حملة اعادة اعمار واسعة لقرانا وقصباتنا.. والاحصاءات تقول انه في محافظة دهوك لم يستشهد ايا من ابناء شعبنا منذ التحرير عام 2003 بسبب الاعمال الارهابية.. وفي محافظة اربيل استشهد اثنان من ابناء شعبنا بسبب تواجدهم وعملهم في محل العملية الارهابية الاجرامية الكبيرة التي استهدفت مقري البارتي واليكتي في مناسبة عيد الفطر عام 2004
فكيف يمكن المقاربة بين الوضعين؟ وكيف يمكن تسويق مطلب اعلان منطقة امنة مع وجود اكثر من منطقة امنة حتى من دون اعلانها؟
وحتى في سهل نينوى، فانه رغم محاولات الارهابيين استهدافه فان وضعه الامني هو افضل بكثير من بقية مناطق وسط وجنوب العراق، وما التجاء الالاف من العوائل اليه الا دليل على انه اكثر امانا.
وثانيا، في عام 1991 كان هناك جيش وشرطة واجهزة امنية وقمعية لنظام استبدادي فاشي تلاحق المدنيين النازحين. في حين ان ما يواجهه شعبنا في العراق هو حملة من الارهاب تقوم بها تنظيمات ارهابية غير نظامية وغير محددة المواقع والتشكيلات. فكيف المقاربة اذن بين الحالتين.
بل واتساءل، بالله عليكم، اعطوني حالة واحدة من كل المعمورة تم فيها اعلان منطقة امنة بوجود مناطق امنة!! او تم فيها اعلان منطقة امنة لحماية المواطنين من تنظيمات ارهابية سرية!!
وثالثا، كان الامر سيكون صحيحا وسليما وممكنا لو تمت المطالبة بالمنطقة الامنة قبل انطلاق وتاطر العملية السياسية في العراق، اي عندما كانت ما تزال المعالجات امنية لا سياسية وكما اوضحنا في بداية المقال. ولكن المطالبة حينها جوبهت بالرفض ممن يدعو اليوم الى المنطقة الامنة!!
المسالة ليست مجرد رفع الشعارات والمطالبات بل بدراسة مضمون وتوقيت ومبررات المطالبات، فما الجدوى من المطالبة بامر لا يصمد امام المحاججات ولا يتماشى مع الوقائع.
اذن لماذا طالب البعض بالمنطقة الامنة في الزمان الخطأ وبالمقاربات الخطأ؟ساعود للاجابة على السؤال في نهاية المقال. ولكن دعونا مع بعض نناقش عددا من النقاط المتعلقة بمطلب المنطقة الامنة وسنعرضها بشكل نقاط وتساؤلات تقود اجابة القارئ الذاتية لها الى امتلاك تصور كامل للمسالة، مثلما تساعد في تنمية قدراتنا على الحوارات والتحليلات الموضوعية لمجمل الامور والقضايا.. فاحد اهداف هذه المواضيع والحوارات هو تنمية قدراتنا في التحليل السياسي بعيدا عن السطحية والشعاراتية.
اولا: جغرافيا المنطقة الامنة:1- من الجلي ان مطالبي المنطقة الامنة يتحدثون عن جغرافية لها هي سهل نينوى. ولكن ولضمان عدم اتهامي بتحديد مسار الحوار فاني اتساءل هل ان المطالبين بالمنطقة الامنة يقصدون جغرافيا اوسع من السهل تشمل بقية مناطق تواجد شعبنا؟ هل انهم يدعون الى منطقة اشورية امنة في اقليم كردستان مثلا، واحياء في بغداد والموصل والبصرة ايضا!! فان كانت اوسع من السهل ارجو تنوير هذا الشعب وتنويرنا باين؟ وكيف؟
وان كانت فقط في السهل (وهذا ما نفهم من التصريحات والايحاءات) يرجى تنوير هذا الشعب بماذا عن شعبنا في بغداد والموصل والبصرة حيث الساحة الحقيقية للارهاب الموجه ضده؟ ام تراكم تستغبون الشعب فتدعون لمنطقة امنة في جغرافيا السهل في حين ان الارهاب وحملته هي خارج تلك الجغرافيا!!
2- واعتمادا على القول الصريح والانطباع المعروف بان المنطقة الامنة هي في سهل نينوى فقط، فاننا نعلم بان السهل هو موزائيك قومي وديني وثقافي متداخل جغرافياً ليتضمن اليزيدية والشبك والكورد والعرب.
فهل ما تدعون اليه من منطقة امنة تغطي جغرافيا الايزيدية والشبك (مثلا) ام فقط لشعبنا!! وان كانت تغطي، فهل هناك طلب مماثل من الايزيدية والشبك بهذا الاتجاه؟ وان لم يكن هناك طلب منهم، فكيف سيكون الامر اذن؟ وان كانت لا تغطي فكيف الامر، خاصة والحديث هو عن وحدات ادارية رسمية وتشكيلات امنية نظامية؟
ثانيا: اهداف المنطقة الامنة:هل المنطقة الامنة في السهل هي حماية ابناء السهل؟ ام لاستقبال القادمين اليه من بقية المناطق؟
فان كانت لابناء السهل، فهل هو غير امن (بمعايير الواقع العراقي) ليتم اعلانه منطقة امنة؟ وان كان للقادمين اليه، فهل وضعه الامني ليس امنا لقدومهم؟ كيف تفسرون نزوح الاف العوائل اليه حتى من دون اعلانه منطقة امنة؟ اليس الاجدر المطالبة بالدعم السياسي للسهل كمنطقة حكم ذاتي ودعمه اقتصاديا؟ فالحكم الذاتي يتضمن المعالجات الامنية الامني ولكن المنطقة الامنة لا تتضمن المعالجة السياسية.
ثالثا: مبررات المنطقة الامنة:1- المناطق الامنة تهدف حماية ابناءها من التهديدات التي تستهدف حياتهم ووجودهم. وتتم هذه الحماية من خلال تحييد وانهاء مصادر التهديد، وتعزيز قدرات الحماية الذاتية او الصديقة من قوات للشرطة والامن والجيش. ونقطة البداية بالطبع هي تحديد مصدر التهديد الامني وبالتالي معالجته.
فهلا نورتمونا بماهية التهديد الامني لشعبنا؟ هل هو القوات العسكرية والتشكيلات الامنية والاستخبارية العراقية (كما في حالة المنطقة الامنة لعام 1991)؟ هل هي قوات التحالف؟ ام انها مليشيات؟ ومن هي هذه المليشيات وعائديتها السياسية ومنطقتها الجغرافية؟ ام انها التنظيمات الارهابية التي لا تعلن مرجعية سياسية معروفة لها ولا جغرافيا محددة لها؟ فاذا كانت التنظيمات الارهابية (واعتقد اننا متفقون على هذا التحديد) فهل المنطقة الامنة هي الية الحل؟ في الوقت الذي يسعى الجميع لجعل كل العراق منطقة امنة من الارهابيين.
تم اعلان مناطق امنة في اسيا والبلقان وافريقيا لمواجهة جيش وشرطة الانظمة الاستبدادية والمليشيات المتعاونة معها، ولكن هل هناك بالله عليكم سابقة لمنطقة امنة في مواجهة الارهاب والانتحاريين وعصابات الجريمة والسرقة!! اليست مواجهة هؤلاء بتعزيز القدرات العسكرية والامنية والاستخبارية، وهذا مطلب يتفق عليه ويدعمه الجميع.
2- ان تبني منطقة امنة معينة يعتمد على حجم ونوعية ومصادر التهديدات الامنية فيها قبل اعلانها منطقة امنة.. فهل في السهل مصادر تهديدات امنية، حجما ونوعا، ضد شعبنا بما يتطلب اعلانه منطقة امنة دون مناطق وسط وجنوب العراق، وخلافا لمعايير سوابق اعلان المناطق الامنة؟ وهل ان ذلك يتوافق مع واقع الوضع الامني والعمليات الارهابية في العراق اليوم (حجما ونوعا وهوية) من جهة وواقعه السياسي من جهة اخرى؟ ام ترانا نطالب بحالة استثنائية بان نعلن منطقة امنة في سهل نينوى في حين ان مصادر التهديد الامني موجودة في بغداد والموصل والبصرة!!
3- هل ان الايزيدية والشبك وبقية نسيج سهل نينوى متفقون معكم على مصدر التهديدات وحجمها وعلى مطلب اعلان السهل منطقة امنة؟ وهل هم متفقون معكم على اليات تحقيق المنطقة الامنة؟
رابعا: اليات تطبيق المنطقة الامنة:لتحقق المنطقة الامنة اهدافها لا بد من قدرات عسكرية تمنع مصادر التهديد الامني.
1- فما هي هذه القدرات؟ هل هي قوات القبعة الزرقاء للامم المتحدة!! ام قوات التحالف (تحديدا الامريكية)؟ ام القوات العراقية؟ ام قوات مناطقية ذاتية؟ فان كانت اممية!! فهل انتم جادون في تبني مجلس الامن قرارا باعلان منطقة امنة في العراق بوجود اكثر من 140 الف عسكري من الولايات المتحدة التي تملك حق الفيتو في مجلس الامن؟ واذا كانت امريكية او عراقية او مشتركة بين الاثنين، فهل ان ذلك يتطلب اعلان منطقة امنة؟ ومرة اخرى هل انتم جادون في طلب اعلان العراق او الحلفاء لسهل نينوى منطقة امنة تقوم بحمايتها هذه القوات في الوقت الذي تتواجد فيه هذه القوات في كل العراق!! هل هو استغباء المقابل ام العكس؟
اما اذا كان المطلوب تعزيز قدرات الاجهزة الامنية في السهل، فهذا لا اختلاف عليه ولكنه لا يدخل او يبرر مطلب المنطقة الامنة، خاصة بمعرفة ان جغرافيا الارهاب مختلفة عن جغرافيا المنطقة الامنة المقترحة.
2- هل ان المكونات الاخرى لنسيج السهل متفقون معكم على هذه الاليات؟
خامسا: نتائج اعتماد المنطقة الامنة:من مفهوم المناطق الامنة ان هناك صراعا عسكريا (له دوافع سياسية) وهو صراع غير متكافئ بين طرفين.
والمنطقة الامنة هي لحماية الطرف المستهدف وهو عادة مجموعة سكانية لها خصوصية قومية او دينية او ثقافية. وحيث اننا متفقون جميعا ان مصدر التهديد الامني ضد شعبنا هو الجماعات الارهابية الاسلامية التكفيرية، وحيث ان الية تحقيق المنطقة الامنة قد تكون قوات امريكية او عراقية والتي هي ضمن استهدافات الارهابيين كلما كان ذلك ممكنا لهم.
1- اليس اعلان سهل نينوى منطقة امنة لشعبنا (او اية منطقة اخرى في العراق ولاية مجموعة سكانية اخرى) يعني اجتذاب واستهداف اكبر للارهابيين للمنطقة والقوات فيها؟ والن تكون النتائج عكسية بالمقارنة مع الوضع الامني الحالي؟ والن تكون المزيد من الهجرة بسبب تزايد الارهاب احدى النتائج العكسية هذه؟
2- هل تعتقدون ان بقية نسيج السهل مستعد لاستبدال الوضع الامني الحالي للسهل باعلان منطقتهم منطقة حماية امنية من قوات التحالف وبما يجذب المزيد من العمليات الارهابية اليهم؟
3- مرة اخرى نقول، ما الذي يضيفه اعلان المنطقة الامنة في مواجهة الارهابيين؟ واليست المعالجة السليمة بزيادة القدرات العسكرية والاستخبارية، وهو جهد مطلوب ومستمر دون ان يتطلب اعلان المنطقة الامنة.
سادسا: الوضع المستقبلي للمنطقة الامنة:المناطق الامنة هي دوما مرحلة انية وانتقالية محددة تنتهي بحلول واتفاقات سياسية شاملة.
فما هي المحطة اللاحقة لما بعد المنطقة الامنة؟ وما هي المخارج السياسية وضماناتها لمرحلة ما بعد المنطقة الامنة؟ ومع ادراكنا جميعا ان العملية السياسية في العراق هي عملية قائمة ومستمرة فلماذا التاخر عنها؟ ولماذا لا يتم تقديم ودعم المطالب السياسية لشعبنا في هذه العملية السياسية وعدم الانتظار الى بعد فوات الاوان؟
نعيد السؤال: اذن لماذا طالب البعض بالمنطقة الامنة في الزمان الخطأ وبالمقاربات الخطأ؟نقول ان السيد يوناذم كنا طالب بالمنطقة الامنة (في التوقيت المتاخر طبعا) لاسباب رئيسية ثلاثة هي براينا:
اولا: لتفريغ مطالب شعبنا من اي مضمون سياسي، وتحديدا من مطلب الحكم الذاتي الذي لا يخفي السيد كنا رفضه الصريح له وعمله بالضد منه. ومطلب المنطقة الامنة هو احد وسائل تحقيق هذا التفريغ حيث الاقتصار على مطالب انية ومرحلية تنتهي بمجرد تحسن واستقرار الاوضاع الامنية في العراق.
ثانيا: لتحقيق المكاسب المالية من خلال تشكيلات الشرطة من ابناء شعبنا عبر قناة الحركة، وهي التشكيلات التي رصدت لها عدة ملايين من الدولارات.
وهنا لا بد من توضيح الامور بان الجميع متفق على تفعيل مشاركات وتطوع ابناء شعبنا في التشكيلات العسكرية والشرطة والاستخبارات العراقية، وتكليف هذه الوحدات بمهام في مناطق تواجد شعبنا في سهل نينوى او لحماية مؤسساته الدينية والقومية في المدن العراقية. فهذا مطلب لا غبار عليه مطلقا..
ولكن تحقيقه يتطلب المهنية والحرفية وليس كما حاول السيد يوناذم مع السيد قائمقام تلكيف تحقيقه عبر مقرات الزوعا لتكون النتيجة مليشيا زوعاوية بلباس نظامي للشرطة العراقية.
فلو كانت الغاية فعلا تعزيز مشاركة شعبنا في سلك الجيش والشرطة بمهنية وحرفية فلماذا الاصرار على العمل في الظلام وتطويع ابناء شعبنا من خلال مقرات الزوعا؟ ولماذا لا يتم استيعاب المئات من ابناء شعبنا ممن قاموا ويقومون بمهام الحماية الامنية لشعبنا في سهل نينوى منذ سنوات؟ اليست الاولوية لهم بكل المعايير المنطقية والمهنية فهم يقومون بهذه المهمة منذ سنوات؟
ثالثا: وكنتيجة للنقطة السابقة سيتم استغلال وتوظيف هذه المليشيا النظامية في مهام مختلفة من بينها خلق الشروخ في النسيج الاجتماعي لقصبات ومدن شعبنا في سهل نينوى عبر تكليفها بمهام امنية كبديل للعناصر والتشكيلات القائمة حاليا وهو ما سيرفضه (ورفضه بالفعل) الكثيرون، وصولا الى تقسيم شعبنا الى خندقين يضمن السيد يوناذم ولاء احدهما على الاقل.
اما لماذا انضمت المنظمة الاثورية الديمقراطية الى المطالبين بالمنطقة الامنة حتى تغلب عندها في فترة معينة مطلب المنطقة الامنة على الحكم الذاتي الذي كانت تبنته ليتراجع مرحليا مقابل المنطقة الامنة قبل ان يعود مرة اخرى مطلبا رئيسيا للمنظمة بعد مؤتمرها الاخير والتغييرات في تشكيلتها القيادية؟
انه امر محير حقا.. فالمنظمة هي من اقدم التنظيمات السياسية لشعبنا وتمتلك خبرة سياسية طويلة، كما تمتلك كوادر لها قدرة الاستقراء والتحليل السياسي. كما للمنظمة دراية بالواقع العراقي عموما وبواقع شعبنا خصوصا حيث يتم تغذيتها بالمعلومات والحقائق والوقائع والمواقف سواء من قبل التنظيمات او الشخصيات الاشورية.
وهاتان النقطتان يفترض كفايتهما للمنظمة من الوقوع في هذا المطب السياسي. فلماذا اذن؟
برايي الشخصي ومن خلال متابعاتي للامور عن قرب ومن خلال علاقة الاحترام والتواصل المتبادل مع المنظمة لم اجد تفسيرا لموقفها سوى التزامها لما تسميه تحالفا استراتيجيا مع الزوعا. حيث يبدو ان المنظمة والزوعا صدقا ذاتهما بانهما "اكبر" تنظيمات شعبنا فقاما باستنساخ تجربة الدول العظمى في تقسيم مناطق النفوذ.. سوريا للمنظمة والعراق للزوعا!!
من المؤسف ان يقود هذا التحالف الى تنازل المنظمة عن دور الحليف الشريك مع الزوعا الى دور الحليف التابع في الكثير من المواقف والمحطات منذ عام 1991 والى اليوم.
التحالف الاستراتيجي وتبنيها لمواقف الزوعا افقد المنظمة مصداقيتها وحياديتها وبالتالي افقدها اية فرصة في القيام بدور ايجابي في تقريب وجهات النظر وتحقيق الحد الادنى من اليات العمل القومي المشترك بين القوى السياسية لشعبنا في الوطن.
فمع هذا التحالف باتت المنظمة جزءا من المشكلة عوض ان تكون جزءا من الحل.. من منا لا يتذكر مشاركات المنظمة مع الزوعا في محاولات تحديد الحضور الاشوري في مؤتمرات المعارضة العراقية حينها، ومن منا لا يتذكر مؤتمر بغداد ودور الوصاية الذي قامت به المنظمة على شعبنا ومؤسساته السياسية في العراق حين اباحت لنفسها تنظيم وتوجيه الدعوة لقوى شعبنا في العراق الى مؤتمر يعقد في العراق!! ما شاء الله وشكرا على هذا التكرم وزاد الله فضلكم!! بل ومن منا لا يتذكر مشاركة المنظمة في اقصاء العديد من القوى حتى من دعوة المشاركة!!
ولسنا نستبق الاحداث بل نقراها بحسب تجربة 17 عاما فنقول مع ما يتم ترويجه عن مؤتمر قومي عام، بان اي مسعى للمنظمة في تكرار مشهد مؤتمر بغداد لن يجلب سوى المزيد من فقدان مصداقيتها، فليس الان من اطار لهكذا مؤتمر سوى اطار المجلس الشعبي وسوى التكافؤ بين احزاب شعبنا دون تصنيفات الكبير والصغير.ان وبالات هذا التحالف شملت المنظمة ذاتها ايضا، فلسنا نخطئ القول ان هذا التحالف هو من اسباب الازمة الداخلية العميقة التي عاشتها المنظمة والتي نتمنى ان تكون انتهت مع المؤتمر الاخير للمنظمة.
وعلى الاقل نستطيع ان نقول ايضا ان هذا التحالف حدد من امكانت المنظمة ومؤسساتنا القومية في اوربا (التي كانت تقود المنظمة معظمها) في عدد من الامور، على سبيل المثال لا الحصر:
- اقامة مؤسسات قومية ديمقراطية فاعلة في اوربا حيث انكمشت حد التوقف او الانهيار المؤسسات التي بقيت فاعلة ومؤثرة لفترة طويلة.
- اقامة لوبي اشوري قومي في مؤسسات الاتحاد الاوربي.
- اقامة مؤسسات اعلامية قومية (وتحديدا قناة فضائية قومية).
نقولها بصراحة الحريص على المنظمة بانها لن تتمكن من اي دور ايجابي في العمل القومي المشترك في الوطن او المهجر ما دامت تلتزم هذا التحالف.
والى اللقاء في الاسبوع القادم:
ردود على تعقيبات وردت على مسلسل مقالات: لنتحاور في قضايانا
الرب يبارككم
القس المهندس
عمانوئيل يوخنا