من قتل مسيحيي الموصل عام ٢٠٠٨ و ٢٠١٠؟ هل هم الكرد , العرب ,الاسلاميين ام الدولة العراقية؟ ١(٢) «
في: 25.01.2017 في 20:36 »
من قتل مسيحيي الموصل عام ٢٠٠٨ و ٢٠١٠؟
هل هم الكرد , العرب , الاسلاميين ام الدولة العراقية
الجزء الاول
اسكندر بيقاشا
هذا هو ملخص بحث قمت به عام ٢٠١٠ وارسلته حينها الى مجموعة من المسؤولين السياسيين والدينيين المسيحيين كي يكونوا على معرفة بالامر. كما كنت آمل منهم تزويدي باثباتات ووثائق التي تثبت الجريمة على الفاعلين كي نستطيع تقديمهم الى العدالة. وهنا ساقدم مختصرا لهذا البحث وسانشر البحث كاملا قريبا.
قبل هجمات ٢٠٠٨عام ٢٠٠٨ كان عام التخلص من شبح الحرب الاهلية بين الشيعة والسنية وتبعا لذلك فقد قوي التيار العربي مرة اخرى وبدأ في استعادة النفوذ الذي خسره بعد سقوط النظام السابق. كما بدأت الحكومة باعادة هيبة الدولة من خلال حملات عسكرية على المليشيات العسكرية ابتداءا من مدينة البصرة. وفي الجبهة الكردية فقد حاول المالكي استعادة السيطرة على ديالى وكركوك والموصل وقد دخل في صراعات سياسية ووصل الى حافة صراعات عسكرية لولا تدخل جهات عراقية واجنبية للحيلولة دون ذلك.
سهل نينوى وضعته القيادة الكردية ضمن المناطق المتنازع عليها والتي كان من المؤمل ان تحل ضمن المادة ١٤٠ من الدستور العراقي. غير ان العرب في الحكومة والبرلمان تماطلوا في تطبيقها لحين انتهاء مفعول المادة واعتبروها مستنفذة. اما الاكراد فانهم ابوا ان يتنازلوا عن ما يعتبرونه حقوقهم واعتبروا ان التأخير كان خدعة ضدهم ووصل الامر الى ان تتدخل الامم المتحدة لفض التزاع. وقد حصل توتر كبير في سهل نينوى بعد زيارات المبعوث الاممي ستيفان ديمستورا الى نينوى واتصالاته مع الفرقاء.
الاكراد يحاولون ضم سهل نينوى الى اقليم كردستان من خلال وعد المسيحيين الكلدان الاشوريين السريان بالحكم الذاتي في حالة انضمامهم الى الاقليم. واعتبرت المسيرة التي قادها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري واطراف سياسية اخرى والبيان الذي قرأه جميل زيتو رئيس المجلس في المسيرة التي جرت في دهوك يوم ٢ تشرين الاول عام ٢٠٠٧والتي سار فيها ما يقارب العشرين الفا الاعلان الرسمي لهذه المشروع. وعلى ما يبدو فان اقامة هذه المظاهرة في دهوك والشعارات التي رفعها المتضاهرون فهمها العرب على انها دعوة من قبل المسيحيين الى ضم سهل نينوى الى اقليم كردستان.
وكان التوتر يشوب المنطقة منذ فترة حيث ان الصراعات التي رافقت تطبيق المادة ١٤٠ من الدستور العراقي ومحاولات ستيفان ديمستورا لحل الاشكالية قد زادت من توتر الاوضاع في المحافظة. كما ان العرب كانوا يشعرون بالضيق من سيطرة الاكراد على الكثير من السلطات في المحافظة وما اعتبروه محاولة استئثار الكرد بجميع المكتسبات فقد ارادوا ان يحدوا من طموحاتهم مدعومين من حكومة المالكي.
النقاشات التي جرت حول المادة ٥٠ من قانون انتخابات المحافظات واعتبار العرب ان المسيحيين منحازين الى جانب الكرد ادى بالعرب الى رفض اعطاء ٣ مقاعد للمسيحيين كما كان قد قرر في النسخة الاولى من القانون بحجة انهم سيؤثرون على توازن القوى لصالح الكرد في مجلس المحافظة واكتفوا بمقعد واحد.
بدأت الهجمات في ٣ ايلول عندما خطف طبيبا مسيحيا ووجد مقتولا وانتهت في ١٤ تشرين الاول حينما اعلنت الشرطة اعتقال اربعة ارهابيين متورطين بترحيل العوائل المسيحية دون الكشف عن هويتهم او الجهة التي تقف ورائهم. لكن ما بين التاريخين تم قتل ١٠ مسيحيين وتهجير ٥٠٠٠ عائلة من الموصل.
لكن يلاحظ عند النظر في سير الهجمات مايلي:اولا: ان حوادث الاختطاف قبل التصويت على الكوتا كانت اعمال خطف من اجل الاموال.
ثانيا: اشتداد الهجمات عندما رفض المسيحيون الغاء الكوتا ومطالبة بعض الفصائل الكلدانية الاشورية السريانية بالحكم الذاتي.
ثالثا: كان من الواضح ان المسيحيين كانوا مستهدفين وان القتل اتخذ شكل الاغتيال والقتل على الهوية.
رابعا: توقفت الهجمات عندما سيطر الجيش العراقي على الموصل.
خامسا: تحمل جهة غير معروفة( جبهة الدفاع عن حقوق المسلمين) مسؤولية الهجمات. وهي طريقة ناجحة في القاء المسؤولية على مجهول حيث ان الجبهة غير معروفة لحد الآن.
سادسا: اعلان الشرطة اعتقال ٤ ارهابيين ادعت انهم اعترفوا بانهم شاركوا في قتل المسيحيين من دون ان تكشف عن اسمائهم او الجهات التي ينتمون اليها, ثم ضاعت آثارهم ولم يعرف عنهم شيئا.
سابعا: تزامن القتل مع حملة تخويف وترعيب من اجل حمل المسيحيين على الهجرة من الموصل.
سابعا: تعتيم اعلامي عراقي وعربي شديد على الهجمات لحين اتهام بعض الجهات المسيحية المقربة من حزب البعث الاكراد بصورة غير مباشرة الكورد بالقتل حمل المسيحيين للنزوح المسيحيين من الموصل.
ثامنا: الملاحظ هنا هو الجبهة الوهمية اعلنت عن مسؤوليتها في نفس اليوم الذي انتشر فيها ٣٠٠٠ عسكري عراقي في الموصل والسيطرة على مفاتيح امن المدينة وكان هنالك تنسيق بين الفعلين وهو ايذانا بانتهاء العملية.
من قام بعمليات القتل والتهجير؟
في محاولتي تفسير كل هذه الاحدات وربطها مع وجود بعض الوثائق التي حصلت عليها وشهود حول كيفية القتل وصفات القتلة وجدت ان السيناريو التالي هو الاكثر احتمالا.
في خريف ٢٠٠٨ حدث ما كان يحذر منه بعض السياسييين المسيحيين وكان زوعا ابرزها, وبعض رجال الكنيسة وهو مطالبة الكلدان الاشوريين السريان بالحكم الذاتي في سهل نينوى.. العرب شيعة وسنه كانوا متفقين ,بعد صراع مرير, على عدم التفريط بكركوك والكثير من المناطق المسماة بالمتنازع عليها ومن ضمنها سهل نينوى. ولمعرفة ظروف الموصل الامنية والعسكرية فقد كانت الموصل تحت حماية الفوج الثامن من اللواء الثاني والبيشمرغة الاكراد. ومجلس محافظة نينوى يسيطر عليه الاكراد ايضا بعدما قاطع العرب انتخابات ٢٠٠٥.
الاجواء في الموصل كانت مشحونة والوضع الامني كان صعبا خاصة بعد طرد القاعدة من الانبار من قبل الصحوات ومناطق اخرى في العراق حيث تجمعوا في الموصل وفشلت عملية ام الربيعين التي قادتها الحكومة في القضاء على وجود الجماعات المسلحة قي ربيع نفس السنة.
القوميون العرب وحلفاؤهم المتأسلمين في الموصل وبالتنسيق مع الحكومة قرروا المشاركة بالانتخابات المحافطات بعد ان ادركوا الخطأ الذي اقترفوه في انتخابات ٢٠٠٥ حينما قاطعوا الانتخابات وبذلك فقدوا قدرة التأثير على العملية السياسية وكتابة الدستور كما جعلتهم تحت رحمة الاكراد حيث سيطروا على مجلس المحافظة واصبح خسرو كوران الحاكم الفعلي للمحافطة. كما قرروا طرد المليشيات والقوات الكردية والسيطرة على المدينة للحفاظ على محافظة نينوى عربية ذات هوية اسلامية مثلما نصت عليه الوثيقة التي وقع عليها بعض الاحزاب العربية في الموصل عام
٢٠٠٧. كما وان ذلك سيكون مهما كي لا يستطيع الكرد بقيادة خسرو كوران تزوير الانتخابات مثلما عملوا في سهل نينوى عام ٢٠٠٥ عندما حرموا سكانها المسيحيين خصوصا, من الانتخاب من خلال سرقة صناديق الاقتراع واوراق الانتخاب.
ولاجل فعل ذلك كان عليهم ايجاد المبررات لطرد الكورد من الموصل فقرروا ان يضربوا عصفورين بحجر. اولا وكما ذكرنا طرد المليشيات الكردية من الموصل وثانيهما هو "تأديب" المسيحيين الذين تحدوا العرب وطالبوا بالحكم الذاتي لا بل تجاوزوا الخطوط الحمر التي وضعها العرب وانحازوا ,حسب رأيهم, الى جانب
الكرد.
بدأوا بقتل المسيحيين في وضح النهار في محلاتهم وفي بيوتهم وبدأت السيارات تهدد المسيحيين وتدعوهم الى ترك الموصل للامعان في ترهيبهم ودفعهم الى الهجرة وفي الوقت ذاته ايجاد المبررات لتدخل الحكومة المركزية دون اعتراض من الامريكيين ودون ان يستطيع الكرد الاعتراض ايضا لانهم لا يستطيعون حماية المسيحيين.. وقد لوحظ ان معظم العمليات وقعت في مناطق يسيطر عليها الفوج الاول ذو الغالبية الكردية للايهام بانها من صنع هذا الجيش.
.
بعد حوالي شهر من الاعتداءات المتكررة ومقتل العديد من المسيحيين نجحوا في دفع اكثر من خمسة آلاف عائلة الى النزوح الى الشمال العراقي وسهل نينوى او الى دول الجوار. بعدها تقدم الجيش العراقي بحجة حماية المسيحيين ونجح في الحد من سيطرة المليشيات الكردية واستبدال الفوج ذو الغالبية الكردية بقوات عربية قادمة من بغداد.
والملاحظ ان الهجمات توقفت فور اخذ الجيش العراقي مواقعه ومنظمة اسلامية غير موجودة على الساحة تعلن مسؤوليتها لالقاء الجريمة ضد مجهول وكان كاعلان بانتهاء العملية.
ان ما يدعم هذه النظرية ما يلي:
ـ التهديدات التي بعثتها اطراف قومية عربية الى المسيحيين من خلال الاعلام او من خلال الاحزاب والشخصيات المتحالفة معها من تبعات مطالبتهم بالحكم الذاتي قبل فترة قصيرة من الهجمات.
ـ تأخر الجيش العراقي في التحرك لحماية المسيحيين رغم التقارير التي حذرت من مخاطر وعنف الهجمات وذلك لافساح المجال لافراغ المسيحيين من الموصل اولا انتقاما منهم.
ـ التعتيم الاعلامي العراقي والعربي على الهجمات في البداية الى ان نزح معظم المسيحيين مدينة الموصل.
ـ الدعاية المنظمة والحملة الاعلامية الاستباقية العربية باتهام الاكراد قبل ان يعرف احدا نتائج التحقيقات او ما يشير الى الجهة الفاعلة وذلك للتمهيد لدخول قوات حكومية الى الموصل.
ـ اتهام الاكراد من قبل جهات عربية بانهم يقومون بتهجير المسيحيين لاسباب انتخابية يكشف كذب مروجيه لان احد اسباب رفض القوى العربية اعطاء ثلاثة مقاعد للمسيحيي في الموصل عند مناقشة المادة ٥٠ من قانون انتخاب المحافطات لانهم كانوا يعتقدون بانها ستذهب للاكراد بسبب سيطرة الاكراد على سهل نينوى ومدينة الموصل وكسب الاكراد لتعاطف الكثير من الكلدان الاشوريين السريان بسبب دعمهم للحكم الذاتي.
ـ عند خروج المطران شليمون وردوني من اجتماع عدد من الاساقفة مع المالكي بعد التفجيرات اجاب على سؤال احد الصحفيين حول ما دار في الاجتماع اعلن فيه رفض الكنيسة للحكم الذاتي ووصفه بالقفص بعد ان كان يؤيده سابقا.
ـ رفض الجهات العربية ومنها المالكي لمطالبة الاكراد لمناقشة ملف قتل المسيحيين في الموصل في البرلمان العراقي.
ـ تستر حكومة المالكي على الجهات التي تقف وراء الهجمات وعدم الكشف عن التحقيقات التي اجريت في الحوادث رغم مناشدة العالم كله والسيد السيستاني بكشف المعتدين ورغم وعود المالكي نفسه بذلك, لانه قد يكون مشاركا فيها او متواطئ مع الفاعلين.
ـ اعتراف طارق الهاشمي الذي له اتباع كثيرين في الموصل في مقابلة مع عنكاوا كوم من ان هنالك اجندة سياسية وراء الهجمات.
ـ تصريحات مسؤولين مسيحيين على اطلاع بالاحداث ان من قام بهذه الهجمات من الاطراف المشاركة في العملية السياسية وان سبب الهجمات هو مطالبة الكلدان الاشوريين السريان بالحكم الذاتي.
ـ فقدان اثر الارهابيين المزعومين والذين اعترفوا بانهم قاموا بتهجير المسيحيين , حسب زعم قائد الشرطة, دون ان يلتقيهم احدا او يحاكموا في اية محكمة عراقية.
ـ توقيت الهجمات قبل شهرين من انتخابات مجالس المحافظة وانتهائها قبل شهر منها يضع شكوكا كبيرة حول الهدف من هذه الهجمات.
العملية نجحت حيث سيطر الجيش العراقي على الموصل واضطر المسيحيين الى الهجرة وتضميد جراحهم مما جعل اصواتهم المطالبة بالحكم الذاتي تخفت. كما وفاز العرب باغلبية مقاعد مجلس المحافظة واصبح اثيل النجيفي محاقظا لنينوى.وبذلك عاجت موصل عربية اسلامية كما ارادتها الاحزاب العرابية التي وفعت على الوثيقة الموفعة بينهم في ١٦ نيسان ٢٠٠٧.
هذه هي عملية واحدة من ضمن الكثير من العمليات التي استخدم فيها المسيحيون من قبل القوى السياسية العراقية وسيلة من اجل الوصول الى غايات سياسية.
قبل شهرين من انتخابات عام ٢٠١٠ حدث قتل للمسيحيين الذين تجرأوا وعادوا الى مدينة الموصل بعد احداث ٢٠٠٨ لكن الظروف كانت مختلفة, وكشف الفاعل هو ما ساتحدث عنه في الجزء الثاني والاخير.