الوطن يضيع ونحن مازلنا مجهولي الهوية! « في: 10.04.2017 في 01:24 » المضحك المبكي في وضعنا نحن الكلدان والسريان والآشوريين هو - رغم كوننا أصحاب أرض العراق الأصليين من شماله الى جنوبه - مازلنا نبحثُ عن هوية تجمعنا وموطئ نضع عليه أقدامنا ! ندّعي بأننا من سلالة أولئك الرجال الذين لم يبقى شبر من أرض بلاد الرافدين إلاّ وتركوا أثراً فيه ، أو حجر لم ينطق بعظمتهم ، بينما نحن مازلنا نترجى أن يمن الآخرون علينا بشبر من أرضنا لنقيم كياننا الهش عليه . ولكننا عن أي كيان نتحدثُ هنا ؟ ومن نكون نحن من وجهة نظرنا قبل الآخرين ؟ هل نحن كلدان ؟ هل نحن آشوريون ؟ أم نحن آراميون سريان ؟ الجواب، نحن لسنا كلداناً، آشوريين أو سرياناً . لماذا ؟ لأن كل طرف يحاول إلغاء الآخر أو احتوائه في أحسن الحالات لأغراض سياسية وإنتخابية . وإنْ لم يكن هناك وجود للكلدان والسريان والآشوريين أو لأحد هذه المكونات ، فكيف أصبحنا بقدرة قادر شعبا واحدا يسمى كلدان سريان اشوريين ؟ ولمصلحة من تروّج بعض الجهات لهذه التسمية ؟
لستُ هنا بصدد الحديث عن التسميات المفردة أو المركبة وإنما عن الأضرار التي لحقت بنا من جرائها، والتي تكاد تكلفنا وجودنا على أراضينا بسبب الخلافات التي تسببت فيها والتي أدت الى تمزيق وحدة الصف وفقدان ثقة الناس بسياسيينا وحتى رجال ديننا وأهدافهم المعلنة والمخفية، وخصوصاً التسمية المركبة التي خلطت الحابل بالنابل والمرفوضة جماهيرياً إلاّ ممن إستفاد منها لأغراض أخرى كما ذكرنا ، ويتوهم من يعتقد بأننا نتمكن من توحيد شعبنا بمجرد لصق الكلمات ببعضها لنجعل الآخرين ينظرون إلينا على إننا شعب واحد.
لقد أثبتت هذه التجربة فشلها وكانت سبباً في زيادة التباعد بيننا، وحتى الكثير من الذين تبنوّا هذا المصطلح الغريب ، وخصوصا من أصبحوا خارج السلطة (المنفعة) أو الأحزاب السلطوية، أخذوا يشددون على اشوريتهم، كلدانيتهم أو سريانيتهم -وهذا أمر طبيعي- أن يرتبط كل شخص بقوميته التي يعتز بها ويدافع عنها ويقف بوجه من يحاول تهميشها أو استخدامها لغايات شخصية .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : من نكون إذاً ؟ وما هي هويتنا لكي لانعطي الآخرين تبريراً كي يطلقوا علينا أسماء يعتقدون بأنها توحدنا كالمكون المسيحي مثلاً، بعد أن فشلنا في إقناعهم من نكون بسبب صراعات التسمية العقيمة ؟ ورغم إعتزازنا بمسيحيتنا التي وحّدتنا لقرون عديدة بحيث ذابت فيها كل الخصوصيات تقريباً، لاسيما أن ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا. ونتشرف بأننا مسيحيون شرقيون ساهم أجدادنا بنشر نور المسيح الى أرجاء واسعة من المعمورة وقدّموا شهداء وتضحيات كبيرة من أجل ذلك ومازالوا ، إلاّ أن لنا هوية كباقي الشعوب التي تسكن هذه الأرض التي كانت أرضنا يوماً، ويجب أن تكون تسميتنا بها وأن تُحتَرَمْ هذه التسمية (التسميات ) لأنها أصل هذه الأرض ، ولكن قبل ذلك يجب أن نحترم أنفسنا نحن ليحترم الآخرون هويتنا ويعترفوا بها فعلاً وليس قولاً ، وحتى الأعتراف (الدستوري) بها لايعني (عملياً ) شيئاً إذا كانت حقوقنا مهضومة وأراضينا مسلوبة، وسنبقى مجهولي الهوية شئنا أم أبينا.
كيف نحافظ على هويتنا ؟ لايمكننا فعل ذلك إلاّ بالأعتراف بأننا أخطأنا جميعاً عندما تبنينا ثقافة الألغاء والأحتواء وإن آثارها السلبية ماتزال تمزقنا من الداخل . وإنّ أفكاراً كهذه ، التي تَبَنّاها مفكرون قوميون من أبناء (شعبنا ) قبل اكثر من قرن من الزمن لاتتماشى مع القوانين ونظرة العالم المتمدن الى مفهوم القومية وحقوق الأنسان اليوم، وإنما تدخل في إطار العنصرية والشوفينية . وإذا كان للذين تبنّوا هذا الفكر أسبابهم نتيجة للظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، فإن الذين إستنسخوه دون إدخال تغييرات تتماشى مع تركيبة شعبنا اليوم تسببوا في حالة الأنشقاق والفوضى التي تعم صفوفه. ولكن لايوجد مفر من التعاون بيننا نحن الكلدان والسريان والآشوريين من أجل مصالحنا المشتركة ، لأننا لانستطيع أن نحصل حتى على الحد الأدنى من حقوقنا لو عملت كل فئة بمفردها ، علينا أن نفكر بجدية عن صيغة لهذا التعاون المشترك ،لاتستثني أحداً ولاتلغي طرفاً معيناً وتعتز بتسمياتنا الجميلة الكلدانية والسريانية والآشورية التي تمتد جذورها عميقا في كل أرجاء الوطن وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتشمل كل المواهب والطاقات .
إنْ لم يكن لدينا إستعداد لقبول الآخر كما هو والتعاون المشترك على أساس المصلحة العامة للجميع أولاً، قبل فوات الأوان ، علينا أن لانحلم كثيراً ولانتوقع هدايا جاهزة من الآخرين كمنطقة آمنة أو محافظة أو أقليم ، فالدلائل كلها لاتبشّر بخير .
الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!!
الوطن يضيع ونحن مازلنا مجهولي الهوية!/جاك يوسف الهوزي