يا شعبنا المسيحي
تشجع فان الرب معك
ابونا سعد سيروب
اننا نعيش اليوم أياماً محزنة وأليمة... نرى أخوتنا وأخواتنا المسيحيين يذبحون ويموتون ويخطفون ويصيرون ضحية مخطط سياسي وتعصب ديني وقومي أعمى. اكتب هذا وانا اعرف من قريب وبعيد الاشخاص الذين أصابهم هذا. اكتب من بغداد التي خُطفت من أحدى كنائسها يوم 15/8/2006 وعُدت إليها قبل أكثر من سنة وانا حامل شهادة عليا وكليّ أمل في المساعدة والحفاظ على ما تبقى من وجودنا الكنسي والمسيحي في العراق.
يسالني الناس وأسأل نفسي في كثير من الاحيان: لماذا هذا الاصرار على البقاء؟ ولماذا هذا الالتزام بالعراق الذي لم يعد يلتزم بنا؟ أريد أن أجيب: الاجابة النظرية والعقلية صعبة! ولكني أريد ان أجيب: أنا أومن بكلمات المسيح وهو يقول لنا: "انتم ملح الأرض" (متى 5/ 13)؛ أومن بالمسيح وهو يقول لنا: "انتم نور العالم" (متى 5/ 14). لماذا هذه الأرض؟ لان عليها بُذلت دماء الآلاف من شهادئنا الابرار وعلت أصوات المعترفين أمام طاغوت الاباطرة والملوك الذين اضطهدوا الكنيسة والمسيحية. لماذا هذه الارض؟ لاني أومن بان الله قد سلّم لنا رسالة لكي ننقلها الى هذه الشعوب، ونعرف باننا لا يمكن ان نتخلى عن دعوة الله لنا ولا يمكن ان نتملّص من الشهادة له مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات. أومن بالطيبة الموجودة في هذه الارض وفي قلوب الناس؛ أومن بالخير الذي يمكن ان نحمله للناس عندما نعيش تعاليم المسيح امامهم.
أيها الاخوة والاخوات، دعونا لا نسمح لأحد ان ينال من كرامة انسانيتنا ومسيحيتنا؛ لا نستسلم للحقد والعنف ومنطق التعصب والانغلاق فلا نسمح لاحد أن يقوّض شهادتنا ورسالتنا المسيحية. هناك من يريد ان يجرّنا الى منطقه وفلسفته التي لا تعرف سوى السيطرة والقوة والعنف والقتل باسم الله والقومية والمشروع السياسي. العراق بحاجة الى حضورنا الايماني والانساني لنكون صوتاً يُضادد التعصب والحقد والانغلاق القومي والطائفي.
أدعو كل من لديه السلطة مدنياً ودينياً الى عدم التستر على المجرمين والظالمين الذي يقومون بهذه الاعمال. أدعو الكنيسة برؤسائها وكهنتها الى الوقف بكل حزم وشجاعة والمطالبة بالكشف عن الجهات المتورطة بهذه العمليات ضدّ المسيحيين. ندعو رجال الدين والمؤسسة الدينية (أياً كانت) الذين تركوا انفسهم وذممهم في أيدي السياسيين وأموالهم الى الرجوع الى الله ومخافته وتغيير الذات فان الله حازم بوجه الخطيئة. أدعو الكنيسة الى أدانة تقصير الحكومة وكلّ الجهات السياسية والامنية في الحفاظ على أرواح المواطنين؛ ان نتعامل مع النظام الحاكم لا يعني ان نسلم بيديه كرامتنا وايماننا!
انها دعوة لنا نحن المسيحيين الى التوحّد في المسيح والثبات على مبادىء الانجيل. فلا نسمح لأحد ان يُسيّس موت شهدائنا أو يسخّره لدعم نظرة طائفية وحزبية. انها دعوة لجميعنا الى الثبات على الايمان والبقاء على لغة المحبة والتسامح والتعايش. فلا نحاولن ان نستخدمه لتبرير قيام منطقة سياسية أو تكتل طائفي. علينا ان نقيم الصلوات ونقرأ الانجيل وننظر الى "رئيس ايماننا ومكمّله يسوع المسيح" (عب 12/2). ان دماء الشهداء التي سالت يجب ان تقودنا الى وحدة أعمق في المحبة وثبات اكبر في الايمان.